إن هذه المفاهيم والأخطار المدلهمة ينبغي ألا يُفهم إنكار المصلحين لها على أنهم يريدون بها التحجيم أو الإبقاء على القديم من كل وجه؛ بحيث يظن البعض أن المراد هو الإلزام بكل ما كانت تلبسه أمهاتنا ومَن وَلَدْنَهُم، أو آباؤنا ومَن وَلَدُوهم، كلا.
إن الشرع لم يلزم بذلك، وإنما منع من كشف العورات، ومن لبس ما يخدش الحياء أو يبرز المفاتن، وترك لنا في الجملة اختيار الزي الذي يلائمنا ويسترنا مهما تجددت صورتُه؛ ولكن علينا ألا نرى الستر عيباً والعفاف عاراً، وحسبنا تذكيراً برءوس غيرنا، ونظراً بعيون عدونا المترمدة.
وقد سأل رجل ابن عمر:[[ماذا ألبس من الثياب؟ فقال: ما لا يزدريك فيه السفهاء، ولا يعيبك به الحكماء]] .
ثم اعلموا -أيها المسلمون- أننا لو جمعنا ألف شاب، وأجلبنا لهم عشرات الوعاظ ليلقنوهم الصيانة عاماً كاملاً، ثم يُجلب لهم كاسية عارية تترامى مفاتنها في كل اتجاه لَهَدَمَت في ثوانٍ معدودة ما بناه أولئك في عام.
فاتقوا الله معاشر المسلمين! والحذار الحذار من الوقوع في فتنة اللباس، والخروج به عن مقصوده ومبتغاه، ولا يغوينكم الشيطان بزخرف من القول والعمل:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}[الأعراف:٣٢] .
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والذكر والحكمة، أقول ما سمعتم، إن صواباً فمن الله، وإن خطأً فمن نفسي والشيطان؛ وأستغفر الله.