[دعوة الأمة إلى التمسك بالدين لأجل النجاة]
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الأتقياء البررة، وعلى من تَبِع طريقهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله -عباد الله- ثم اعلموا أنه من المتحتم علينا أن يشار إلى نوع القضية التي يراد علاجها وهي: أن المسلمين بجميع قواهم؛ دينيةً كانت أو اجتماعيةً أو ما شاكلها في مأزق حرج، وهناك قوى آخذة بدفعه من على جرف هار إلى الهوة السحيقة، وهناك قوى أصيلة أولية آخذة بتمكينه في الأرض من جهة، وبِرَدِّ العادية عنه من جهة أخرى، وهذه العادية كان يُنْظَر إليها من قبل أزمان قريبة أنها آتية من أجنبي عن المسلمين ولكن الذي ظهر أنها نشأت في بيوتات المسلمين وعقر دارهم.
والحكمة -عباد الله- ضالة المؤمن، وهي تحتم علينا جميعاً أن نزداد عبرة وتبصرة بالحال، فكما أن المريض الذي يتثاقل عن الأخذ بأسباب علاجه يسبب لدائه تمكيناً؛ فكذلك السكوت والصمت والتهاون من قبل من له حق التبيين والتوضيح من ولاة أمر وعلماء ودعاة، بل إن سكوت من له حق وحراك من لا حق له، بل إن التحمس للباطل والتراخي في الحق لهو مُوْجِبٌ لاستشراء الداء، وسيحل بكثير من الأقوام الندم ولات ساعة مندم.
ثم ليعلم الضعفاء والمغفلون من أمتنا؛ الذين يحاولون في تبعيتهم وإعجابهم بما عند الأجنبي أن يؤلفوا الأمة على خلق جديد ينتزعونه ممن أعجبوا بحضارتهم، ألا فليعلموا أن الخلق الطارئ لا يرسخ بمقدار ما يفسد من الأخلاق الراسخة، وإذا كان البعض يشعر في قرارة نفسه أنه لابد للأمة في نهضتها من أن تتغير؛ فإن رجوعنا إلى كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم أعظم ما يصلح لنا من التغير وما نصلح به منه: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد:١١] .
وإذا تقاصر المرء عن إبانة الحق فلا أقل من الاجتناب لكلمة الباطل، كما أن المرء المسلم إذا لم يستطع أن يكون مصلحاً فلا أقل من أن يصون نفسه عن أن يكون معول هدم، أو إذن دهليز لكل لاقط.
فليتق المرء ربه، ولينظر قبل الإحداث؛ في أي مزلة يضع قدمه وهو لا يدري ما الذي يوضع له في ميزان حسناته؛ مما ليس في حسابه ولا شعر أنه عمله، فنقول له ولأمثاله: رويدكم مهلاً وعلى رسلكم، إنها الهاوية، وما أدراكم ما هيه! {نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة:١١] {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:٥٦] .
هذا وصلوا رحمكم الله على خير البرية وأزكى البشرية محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، صاحب الحوض والشفاعة، فقد أمركم الله بذلك في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] .
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين.
اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقضِ الدَّين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم ما سألناك من خير فأعطنا، وما لم نسألك فابتدئنا، وما قصرت عنه آمالنا من الخيرات فبلغنا.
اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم، واكفِهم شرارهم.
اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم.
اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله: اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.