للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تجهز النبي صلى الله عليه وسلم للهجرة]

أيها المسلمون: لما رأى المشركون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تجهزوا وخرجوا بالذراري والأطفال وساروا بهم إلى المدينة؛ خافوا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ولحوقه بهم، فاشتد عليهم أمره ولم يبق بـ مكة من المسلمين إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلي رضي الله عنهما، ومن اعتقله المشركون كرهاً، فلما كانت ليلة همَّ المشركون بالفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، جاءه جبريل بالوحي من عند ربه تبارك وتعالى فأخبره بذلك، وأمره ألا ينام في مضجعه تلك الليلة {وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر نصف النهار في ساعة لم يكن يأتيه فيها فقال له: اخرج من عندك، فقال: إنما هم أهلك يا رسول الله! فقال: إن الله أذن لي في الخروج.

فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه: الصحبة يا رسول الله؟ قال: نعم.

فقال أبو بكر: فخذ بأبي وأمي إحدى راحلتي هاتين.

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: آخذها بالثمن} .

وأمر علياً أن يبيت في مضجعه تلك الليلة، واجتمع أولئك النفر من قريش يتطلعون من صير الباب ويرصدونه ويأتمرون أيهم يكون أشقاها، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ حفنة من البطحاء، فجعل يذروه على رءوسهم وهم لا يرونه، وهو يتلو: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ} [يس:٩] .