للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاحتكام إلى شرع الله]

الحمد لله ولي الصالحين، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فاتقوا الله -أيها المسلمون- واجعلوا من عيدكم هذا صفحة جديدة بيضاء، يصحح من خلالها الواقع المرير، ويكشف الزيغ عن كثير من الشعارات، والنداءات التي لا تمت إلى الإسلام بصلة، وأن يكون الحكم لله في أرضه، وأن تكون الهيمنة في جميع شئون الحياة لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:٤٤] {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:٥٠] .

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: {مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودي محموم، فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قالوا: نعم، فدعا رجلاً من علمائهم فقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قال: لا.

ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فقلنا: إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلناه التحميم والجلد مكان الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه، فأمر به فرجم، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} [المائدة:٤١] الحديث} رواه مسلم.

فأي حكم -عباد الله- أهدى من حكم الله، وأي شريعة أصلح من شريعة الإسلام: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [النحل:٩] .

الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد!

أمة الإسلام: حجاج بيت الله الحرام! إن أردتم السعادة والفلاح فأصلحوا نفوسكم من داخلها، ونقوا وسائل المجتمعات من شوائبها، لا سيما الإعلام، لأنه سلاح ذو حدين، فالله الله أن يُرى فيه ما يحلق الدين، أو ما يضلل الناس، أو يكون سبباً في البعد عن الحقائق، مع نشر الكذب والدجل، والتضليل على الشعوب والمجتمعات، فإن مما لا شك فيه، أن الإعلام قوام المجتمعات، وإذا أردت أن تحكم على مجتمع ما صعوداً أو هبوطاً فانظر إلى إعلامه.

فحذار -أمة الإسلام- من الإخلال بضوابطه والخروج عن مقصده من حيث النفع والتربية، والنشأة السوية، وخدمة المجتمعات فيما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم، وفق شريعة الله الخالدة، فاتقوا الله أيها الإعلاميون، واعلموا أنكم مسئولون تجاه الأمن الفكري سلباً وإيجاباً.