للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نعمة تسخير العباد لبعضهم البعض]

الحمد لله ولي الصالحين، وناصر المستضعفين، ومجيب دعوة المضطرين، نحمده سبحانه ونثني عليه الخير كله، نشكره ولا نكفره، ونخلع ونترك من يفجره، إياه نعبد، وله نصلي ونسجد، وإليه نسعى ونحفد، نرجو رحمته، ونخشى عذابه، إنَّ عذابه، الجد بالكفار ملحق.

وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله رحمةً للعالمين بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فالذين آمنوا به وآزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه؛ أولئك هم المفلحون، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه الغر الميامين، رضي الله عنهم ورضوا عنه إن الله لعليٌ حكيم.

أما بعد:

فاتقوا الله معاشر المسلمين! اتقوا الله حقَّ تُقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، ومن ثَمَّ فلتعلموا أن نِعَمَ الله علينا كثرا، يكذب مدعي حصرها، ويعجز مؤمل عدها.

نِعَم تترادف حلقاتها، تقول اللاحقة للسابقة: أختي أختي، نعمٌ في شئون العبادات والدين: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً} [المائدة:٣] ونعم أخرى في وسائل الفهم وحسن التعايش، ونعم في تسخير البشر بعضه لبعض ونعمٌ ونعمٌ ونعمٌ يخص ربنا بها هذا ويمنح ذاك، ويقدر على هذا ويمنع ذاك {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف:٣٢] تسخير العباد بعضهم لبعض من أعظم منن الله على خلقه، وأكثرها ابتلاءً وامتحاناً في الوقت ذاته.