الحمد لله وحده كما أمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر، والشافع المشفع في المحشر، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه الأتقياء الغرر.
أما بعد:
فما أكثر العواطف التي تهب علينا، وتملأ آفاقنا بالغيوم المرعدة! وكم يواجه المرء منا بما يُكدِّره ويُنغِّص عليه ما يشتهي، بحلول القلق والاضطراب النفسي في شخصه، حتى تجتمع عليه السباع الأربعة التي تهد البدن وتوهنه، وهي: الهم والحزن والأرق والسهر، وقد صح الخبر عن المعصوم صلى الله عليه وسلم:{ما من داءٍ إلا وله شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله} بيد أن الكثيرين ممن يُعالجون القلق هم في الحقيقة مظهرون للعلل النفسية، والجُلَّ منهم نجحوا في الهدم ولم ينجحوا في البناء، وقطعوا الطريق على أُناسٍ باحثين عن الشفاء ففشلوا في إرشاد نفسٍ قلقة، وللطب النفسي العري عن شريعة الله الحظ الأوفر في إعماق هذه الهوة، حيث لجأ جمهورٌ منهم في علاج القلق إلى ما يسمى: بالمعازف والموسيقى، والتي نقل إجماع أهل العلم على تحريمها، أو بما يسمى التنويم المغناطيسي؛ والذي يفتح مجالاً واسعاً لممتهنيه في أن يقلبوا الحقائق، أو يمتطوا من خلاله أهواءهم في تنفيذ مآرب بدنية، حتى امتدت إلى ما يسمى بالروحية الحديثة لمجالس تحرير الأرواح؛ وهي ضربٌ من الكهانة والشعوذة، والقلب على الرعاع، وفي كلتا الحالين هم يشرحون الصدور بتغييب الوعي، فكأنما يلهث المرء وراء سرابٍ بقيعة كلما ازداد منه قرباً ازداد السراب منه بُعداً وتخييلاً.
حرصوا على تطبيب الزكام، والنتيجة الحاصلة استفحال الجذام، وإذا كان الأمر كذلك ففي ما شرعه الله من الأدوية وفيما أباحه منها غنية تامة في علاج الأدواء.