إذاً: يا عبد الله! لا تخشَ غماً، ولا تشكُ هماً، ولا يصبك قلقٌ ما دام أمرك متعلقاً بقول الله جل وعلا في الحديث القدسي:{أنا عند حسن ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خير منه} رواه البخاري ومسلم.
بهذا الحديث وأمثاله بدت السعادة في وجوه السعداء، والتي يعبر عنها من أحس بنشوتها من أئمة الإسلام والدين فيقول: إننا في سعادة، لو علم بها الملوك وأبناء الملوك؛ لَجَالَدُونا عليها بالسيوف.
السعادة التي يمثلها من يغدو في خمائلها، ويقول: إنه لتمر عليَّ ساعات أقول فيها: لو كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه الآن إنهم -إذاً- لفي عيش طيب.
إن أمثال هؤلاء هم الذين ابتسموا للحياة حينما كشَّرت عن أنيابها، واستقبلوا الآلام بالرضا والتسليم، الذَين يحولانها إلى نعمة تستحق الشكر والحمد، على حين إنها عند غيرهم مصائب تستوجب الصراخ والعويل.
فإذا كانت السعادة شجرة منبتها النفس البشرية، فإن الإيمان بالله، وملائكته، ورسله، واليوم الآخر، وكتبه، والقدر خيره وشره، هو ماؤها، وغذاؤها، وهواؤها، وضياؤها {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ}[الرعد:٢٨-٢٩] .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.