أمن المرء في سربه -عباد الله- مطلب الفرد والمجتمعات على حدٍ سواء، وهو الهدف المرتقب لكل المجتمعات بلا استثناء على اختلاف مشاربها، ثم إن إقرار الحياة الآمنة هو ديدن كافة المنابر، للصلة الوثيقة بينه وبين إمكانية استقرار المجتمعات، وإلا فما قيمة لقمةٍ يأكلها المرء وهو خائف، أو شربة يشربها الظمآن وهو متوجس قلق، أو نعسة نومٍ يتخللها يقظات وسنان هلع، أو علمٍ وتعليمٍ وسط أجواء محفوفةٍ بالمخاطر.
إن كل مجتمعٍ يفقد الجانب الأمني في ثناياه، إنما هو في الحقيقة، فاقد لمعنى الحياة لا محالة، حتى يكون تكأة لنهب الناهبين وتفريط المقصرين، فيذهب أقساماً بين أشتات المطامع والأهواء.
ومن أجل الأمن -عباد الله- جاءت الشريعة الغراء بالعقوبات الصارمة، والحدود الرادعة، تجاه كل مخلٍ بالأمن كائناً من كان، بل وقطعت أبواب التهاون في تطبيقها، أياً كان هذا التهاون؛ سواء كان في تنشيط الوسطاء في إلغائها، أو في الاستحياء من الوقوع في وصمة نقد المجتمعات التي تدعي الحضارة، ومعرة وصفهم للغير بالتخلف، وحين يدب في الأمة داء التسلل الأمني، فإن المتسببين في ذلك يهيلون التراب على تراث المسلمين، ويقطعون شرايين الحياة الآمنة عن الأجيال الحاضرة والآمال المرتقبة.