ومن المفاهيم التي يجب أن تعرف: هو أن منطق الأعداء الحاقدين واحد، وهو برمته ليس جديداً على الساحة العامة، كما أن قلب الحقائق وتشويه صورة المسلمين ليست هي بدعة العصر الحديث، فمنطق المجرمين واحد، ولو تطاولت القرون، وإن شئتم -يا رعاكم الله- فاسمعوا قول فرعون عن موسى عليه السلام:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}[غافر:٢٦] .
هذا هو منطق فرعون الأول، يُظهر غيرته على دين الناس وأمنهم، فهو يخاف عليهم من إفساد موسى في الأرض، فيقرر أن موسى يرهب أهل الأرض جميعاً فهو لا يستحق البقاء هذا هو منطق فرعون الأمس، وهاهو التاريخ يعيد نفسه، وما أشبه الليلة بالبارحة! فهل يتعظ المسلمون ويقولون من بعد ذلك:{أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران: ١٦٥] .
إن استجابة النفس للدعاوى الأفاكة، والاستسلام لشيوعها، والتي تصل بسبب قوة طرحها والتأثير الإعلامي لها إلى درجة الرضا بها، والقبول لها، ومن ثم يتحول الافتراء إلى حقيقة مسلَّمة، وواقع لا مماراة فيه، ولنضرب مثالاً على هذا فنقول: نحن نعلم أن حقوق المسلمين ودماءهم في أقطار كثيرة تهدر وترخص، حتى لو داهمهم مغتصب، والتوت عليهم يد معتد، فأبدوا مقاومة واهنة أمام المغير عليهم، ودفعوا براحاتهم أفتك أنواع السلاح، وارتفعت صيحات وشنشنات أخزمية تقول: المسلمون معتدون، المسلمون إرهابيون، ومن ثم يكون هذا، تبريراً للدبابات والمجنزرات أن تصب جام غضبها على أمة لا تملك إلا الحجارة.
ويبدو أن مثل هذا الإفك لا ينقطع أبداً، وأن الإصرار بأن المسلمين إرهابيون أكذوبة كبرى، فهي كما يقول علماء النفس: نوع من الإسقاط الذي يدفع المرء إلى اتهام غيره بما في نفسه هو من شر.
وقديماً قيل: كل إناء بما فيه ينضح.
ومع ذلك كله تصاب أمة الإسلام بصدمة عنيفة من قبل آراء عالمية تصف المالك الطريد إرهابياً لا حق له، وتجعل اللص الغالب ربَّ بيت محترماً، ثم بعد ذلك يقول المسلمون:{أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران:١٦٥] .