عباد الله: لقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: {فاظفر بذات الدين تربت يداك} هذه هي الزوجة التي يحث الشارع على تحصيلها والرضا بها، ويدعو على من أراد غيرها، وزهد فيها، ورغب عنها، ومن المعلوم بداهة أنه لا يرغب بالظفر بذات الدين إلا من كان قلبه معلقاً بالدين، وكانت نفسه من النفوس الزكية، ومن هذه حاله فلا غرو أن يرزق المودة بينه وبين زوجه؛ لأنها من ثمرات المشاكلة في السجايا والصفات الفاضلة، وعلى العكس من ذلك المشاكلة في الصفات الرديئة، والسجايا الدنيئة؛ فهي لا تثمر محبة، ولا تورث تودداً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{خير متاع الدنيا المرأة الصالحة} رواه مسلم.
إنه متى كان الدين بين كل زوج وزوجته فمهما اختلفا وتدابرا، وتعقدت نفساهما، فإن كل عقدة من العقد لا تزيد إلا ومعها طريقة حلها، ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه، وهو اليسر والمساهلة، والرحمة والمغفرة، وهو العهد والوفاء، وهو اتساع الذات وارتفاعها فوق ما تكون به منحطة أو وضيعة، ومن كانت هذه حاله فلن يستنكف أن يكون ممتثلاً لما أُمر به من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم:{لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها} وقوله صلى الله عليه وسلم: {استوصوا بالنساء خيراً} وثمرة الدين في المرأة يظهر في مثل قول عائشة رضي الله عنها: [[يا معشر النساء! لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن؛ لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بحر وجهها]] .
فما أجهل الرجل يسيء معاملة امرأته! وما أحمق المرأة تسيء معاملة بعلها!