إني أسائلكم -عباد الله- ما هذه الحرية التي يطبلون لها ويزمرون، ويجعلون الاعتداء عليها أو التطرق لنقدها كفراً بها وبـ الديمقراطية، ما هذا كله؟ أهي حرية المرأة في أن تخلع جلباب حيائها، وتكشف من جسدها ما تريد؟ أم هي حرية الفسوق والعصيان اللذين كرَّهَهُما الله إلى السلف الصالح فقال:{وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[الحجرات:٧-٨] .
إنهم بين أمرين لا ثالث لهما:
إما إنهم يَهْرِفُون بما لا يفقهون.
وإما إنهم يتسترون بالألقاب والمسميات الخلابة، من حرية وإخاء وفكاك من إصرٍ وأغلال والله يقول:{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ}[الانشقاق:٢٣] والمثل السائد: (وتحت الرَّغوَة اللَّبنُ الصريح) .
وإلا فأي أمة تصنع هذا الصنيع، وهي تريد أن تكون ممن يرد حوض نبيها صلى الله عليه وسلم؟! أتريد أن تكون بِدْعاً من الأمم، تأخذ من كل أمة شر ما عندها، وتدعو إلى أن تبدأ حياتها الاستقلالية بهذه الأخلاط من الشرور المركبة تركيباً مزجياً، يمنعها من الصرف والعدل، إنه والله طريق الموت الحاضر، لا طريق الحياة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى} رواه البخاري.