للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمرين؛ أحدهما هذا، والثاني أن يكون دخول "الواو" هاهنا إيذانًا بتمام كلامهم عند قولهم: (سَبْعَة) ثم ابتدأ قوله: (ق/٢٢٦ ب) {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}، وذلك يتضمَّن تقريرَ قولهم: (سَبْعَةٌ) كما إذا قال لك "زَيْدٌ فَقِيهٌ"، فقلت: "ونَحْوِيٌّ" وهذا اختيار السهيلي (١).

وقد تقدَّم الكلام عليه (٢)، وأن هذا إنما يَتِمُّ إذا كان قوله: {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} ليس داخلًا في المحكيِّ بالقول، والظاهر خلافه، والله أعلم.

الموضع الرابع: قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر: ٧٣] فأتى بـ"الواو" لما كانتْ أبوابُ الجنَّة ثمانيةً، وقال في النار: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر: ٧١]، لما كانتْ سبعةً، وهذا في غاية البُعد، ولا دلالةَ في اللَّفظ على الثمانية حتى تدخل "الواو" لأجلِها، بل هذا من باب حذف الجوابِ لنكتة بديعة، وهي: أن تَفتيحَ أبواب النار كان حالَ موافاة أهلها، ففتحتْ في وجوههم؛ لأنه أبلغ في مفاجَأة المكروه.

وأما الجنَّةُ فلما كانت دارَ الكرامة وهي مأدبةُ (٣) الله، وكان الكريمُ إذا دعا أضيافَهُ إلى داره شرع لهم أبوابَها ثم استدعاهم إليها مُفَتَّحَةَ الأبوابِ، أتى بـ "الواو" العاطفة هاهنا الدَّالَّة على أنهم جاءوها بعدما فُتحتْ أبوابُها (٤)، وحَذَفَ الجوابَ تفخيمًا لشأنه وتعظيمًا لقدْره، كعادتهم في حذف الأجوبة وقد أشْبَعْنا الكلامَ على هذا فيما تقدَّمَ والله أعلم.


(١) كما في "نتائج الفكر": (ص/ ٢٦٤).
(٢) ٢/ ٦٦٦.
(٣) (ق وظ): "مائدة".
(٤) انظر: "الفصول المفيدة في الواو المزيدة": (ص/ ١٥٨ - ١٥٩).