للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له، والعقلاءُ قاطبةً يعدونه تكذيبًا، ويعدُّون خبَرَهُ كاذبًا، حيث يعدُّون الإخبار بخلاف ما الشيء عليه كَذِبًا (١).

إذا عُرِفَ هذا؛ فَبِهِ يَنْحَلُّ الإشكال الذي أورده بعضُ المتأخرين على الاستثناء، وقال: الاستثناء مشْكِل التَّعَقُّلِ، قال: لأنك إذا قلت: "جاءَ القَوْم إلا زيْدًا" فإما أن يكون زيدٌ داخلاً في القوم أو لا، فإن كان غيرَ داخل لم يستقمِ الاستثناءُ لأنه إخراجٌ، وإخراجُ ما لم يدخلْ غير معقول، وإن كان داخلاً فيهم لم يستقمْ إخراجه للتناقض, لأنك تحكمُ عليه بحكمين متناقضين.

ولهذه الشبهة قال القاضي (٢) وموافقوه: "إن عشرة إلا ثلاثة" مرادفٌ لسبعة، فهما اسمان رُكِّبا مع الحرف وجُعِلا بإزاء هذا العدد، فإن أراد القاضي أن المفهومَ منهما واحدٌ فصحيحٌ، وإن أراد التركيبَ النَّحْوِيَّ فباطلٌ.

والجواب عن هذا الإشكال: أنه لا يُحكم بالنِّسب إلا بعد كمال ذكر المفردات، فالإسناد إنما وقع بعد الإخراج، فالقائلُ إذا قال: "قامَ القَوْمُ إلا زيْدًا" فهاهنا خمسة أمور:

أحدها: القيامُ بمفرده.

الثاني: القَوْمُ بمفرده.

الثالث: زَيْدٌ بمفرده.

الرابع: النسبة بين المفردَين.


(١) هذه الجملة ساقطة من (ق) ومكانها: "وإن كان قبل الحكم عليه "!.
(٢) لعله: أبو يعلى ابن الفرَّاء الحنبلي.