للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقميصها ودرعها، وأن الرجل يستُرُ بَدَنَه بالرداءْ وأسافِلَه بالإزار، مع أن مخرجَ النهي عن النِّقَاب والقَفَّازيْنِ والقميص والسَّراويل وأحدٌ، فكيف يرادُ على موجب النصَ؟! ويُفهم منه أنه شَرَع لها كشف وجهها بين الملأ جهارًا؛ فأيُّ نص اقتضى هذا أو مفهوم أو عموم أو قياس أو مصلحة؟! بل وجه المرأة كبَدَن الرجل يحرمُ سترُه بالمفصَّل على قَدْره كالنِّقَاب والبُرْقع، بل وكَيَدِها يحرم سترها بالمفصَّل على قَدْرْ اليد كالقفَّاز. وأما سترها بالكُمِّ، وسَتْر الوجه بالمُلاءةْ والخِمار والثوب؛ فلم ينهَ عنه ألبتة.

ومن قال: "إن وجهها كرأس المُحْرِم" فليس معه بذلك نصٌّ ولا عمومٌ، ولا يصِحُّ قياسهُ على رأس المحرم؛ لما جعل الله بينهما من الفرق.

وقول من قال من السَّلف: "إحرام المرأة في وجهها"، إنما أراد به هذا المعنى، أي: لا يلزمُها اجتنابُ اللباس كما يلزمُ الرجل، بل يلزمها اجتناب النِّقَاب فيكوم وجهُها كبَدَن الرجل.

ولو قُدِّر أنه أراد وجوبَ كشفه؛ فقولُه ليس بحُجَّة ما لم يثبتْ عن صاحب الشرع أنه قال ذلك، وأراد به وجوب كشف الوجه، ولا سبيلَ إلى واحد من الأمرين، وقد قالت أمُّ المؤمنينَ عائشةُ - رضي الله عنها -: "كنا إذا مرَّ بنا الرُّكبانُ سَدَلَتْ إحدانا جلبابها على وجهها" (١)،


(١) أخرجه ابن خزيمة رقم (٢٦٩١)، وأحمد: (٦/ ٣٠)، وأبو داود رقم (١٨٣٣) وأبن ماجه رقم (٢٩٣٥) والبيهقي: (٥/ ٤٨) وغيرهم من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن: عائشة به، وزياد فيه ضعف يسير.
ويشهد له ما أخرجه ابن خزيمة رقم (٢٦٩٠) عن أسماء بنت أبي بكر -بسند صحيح- أنها قالت "كنا نغطي وجوهنا من الرجال ... ". =