للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضربُه صَبيغًا (١)، وكذلك مصادرته عمّالَه. وكذلك إلزامه الصحابَةَ أن يُقِلُّوا الحَديثَ عن رسول الله ليشتغلَ الناسُ بالقرآن فلا يُضَيِّعوه (٢)، إلى غير ذلك من السِّياسة التي ساس بها الأمَّةَ فصارت سُنَّة إلى يوم القيامة، وإن خالفها مَنْ خالفها.

ومن هذا تحريقُ الصديق للُّوطِيِّ (٣). ومن هذا تحريقُ عثمان للصُّحف المخالفة للسان قريش (٤). ومن هذا اختيار عُمرَ للناس الإفراد بالحج ليعتمروا في غير أشهره، فلا يزالُ البيتُ الحرام مقصودًا (٥)، إلى أضعافِ أضعاف ذلك من السِّياسات التي ساسوا بها الأمَّة وهي بتأويل القرآن والسنة.

وتقسيمُ النَّاسِ الحُكْمَ إلى شريعة وسياسة، كتقسيم من قَسَّم الطريقةَ إلى شريعةٍ وحقيقةٍ، وذلك تقسيمٌ باطلٌ، فالحقيقةُ نوعان:

حقيقة هي حقٌّ صحيحٌ، فهي لُبُّ الشَّريعة لا قسيمها، وحقيقةٌ باطلة، فهي مضادَّة للشَّريعة كمضادَّة الضَّلال للهدى.

وكذلك السَّياسة نوعان: سياسةٌ عادلة، فهي جزء من الشَّريعة


(١) أخرجه الدارمي: (١/ ٦٦)، والبزار في "مسنده": (١/ ٤٢٣)، واللالكائي: (٤/ ٦٣٥ - ٦٣٦)، وهي قصة مشهورة.
(٢) أخرج مَعمر في "الجامع": (١١/ ٢٦٢) عن الزهري عن أبي هريرة قال: "لما ولي عمر قال: "أقِلُّوا الروايةَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... " وأخرجه الطبراني في "الأوسط": (٢/ ٣٢٦)، والرامهرمزي في "الحديث الفاصل" (ص/ ٥٥٣)، والروايات عن عمر في هذا المعنى كثيرة.
(٣) أخرجه البيهقي: (٨/ ٢٣٢).
(٤) أخرجه البخاري رقم (٤٩٨٧) وغيره.
(٥) أخرجه مسلم رقم (١٢٢١ و ١٢٢٢).