للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه علمًا (١)، وعلَّمهم كل شيءٍ، حتى آدابَ التخَلِّي وآداب الجماع والنوم، والقيام والقعود، والأكل والشرب، والرُّكوب والنزول، ووصف لهم العَرْشَ والكرسِيَّ والملائكة، والجنة والنار، ويوم القيامة وما فيه، حتى كأنهم (٢) رأيُ عَيْن، وعرَّفهم بربِّهم ومعبودِهم أتمَّ تعريف، حتى كأنهم يَرَوْنه بما وصفه لهم من صفات كماله ونعوت جلاله، وعرَّفهم الأنبياءَ وأُمَمَهُمْ وما جرى لهم معهم، حتى كأنهم كانوا بينهم، وعرَّفهم من طرق الخير والشر، دقيقِها وجليلِها، ما لم يعَرِّفْهُ نبيّ لأمَّتِهِ قبلَهُ.

وعرَّفهم من أحوال الموت وما يكونُ بعدَه في البرزخ، وما يحصلُ فيه من النعيم والعذاب للرُّوح والبَدَن ما جلَّى لهم ذلك حتى كأنهم يُعَاينوه.

وكذلك عرفهم من أدِلَّة التوحيد والنُّبُوَّة والمعَاد والرَّدِّ على جميع طوائف أهل الكفر والضَّلال، ما ليس لمن عرفه حاجةٌ إلى كلام أحدٍ من الناس ألبتةَ.

وكذلك عرَّفهم من مكايد الحروب ولقاء العدو وطرُق الظَّفَر به، ما لو علموه وفعلوه لم يَقُمْ لهم عدوٌّ أبدًا.

وكذلك عَرَّفهم من مكائد (٣) إبليسَ وطرقه التي يأتيهم منها وما يحترزون به من كَيْدِه ومكرِه، وما يدفعون به شَرَّه ما لا مزيدَ عليه.


(١) جاء هذا في حديثٍ أخرجه البخاري رقم (٦٦٠٤)، ومسلم رقم (٢٨٩١) من حديث حذيفة -رضي الله عنه-.
(٢) (ظ): "كأنه".
(٣) من قوله: "الحروب ولقاء ... " إلى هنا ساقط من (ظ).