للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حيلةَ في دفعه (١).

ومنها: أنه سئِلَ (٢) عن خديجةَ وعائشةَ أُمَّي المؤمنين، أيهما أفضل؟

فأجاب: بأن سبقَ خديجة وتأثيرها في أول الإسلام، ونصرَها وقيامَها في الدين، لم تشركها فيه عائشة ولا غيرها من أمهات المؤمنين، وتأثيرُ عائشةْ في آخر الإسلام، وحمل الدين وتبليغه إلى الأمَّة، وإدراكها من العلم ما لم تشركها فيه خديجةُ ولا غيرها مما تميَّزت به عن غيرها، فتأمَّلْ هذا الجواب الذي إذا أجبْتَ (٣) بغيره من التفضيل مطلقًا لم تتخلَّصْ من المعارضة (٤).

ومنها: أنه سئل عن صالحي بني آدَمَ والملائكة أيهما أفضل؟

فأجاب: بأن صالحي البشر أفضل باعتبار كمال (ق/ ٢٧٠ ب) النهاية، والملائكة أفضل باعتبار البداية، فإنَّ الملائكةَ الآن في في الرَّفيق الأعلى منَزَّهِين عما يلابسُهُ بنو آدم مستغرقون في عبادة الرَّبِّ، ولا ريبَ أن هذه الأحوال الآن أكمل من أحوال البشر، وأما يوم القيامة بعد دخول الجنة فيصير حالُ صالحي البشر أكملَ من حال الملائكة (٥).

وبهذا التفصيل يتبيَّنُ سرُّ التفضيل، وتتَّفِقُ أدِلَّة الفريقين، ويُصالَح كلُّ منهم على حقه، فعلى المتكلم في هذا الباب أن يعرفَ أسبابَ


(١) انظر: "الفتاوى": (٢٥/ ٢٨٨ - ٢٨٩).
(٢) سقط السؤال السابق بكامله إلى هنا من (ق).
(٣) (ظ)،: "لو جئت".
(٤) انظر: "الفتاوى": (٤/ ٣٩٣، ٣٩٤). وفي (ع) بعدها: "يأتي تتمة هذه الفائدة وهو قوله: ومنها: أنه سُئل عن صالحي ... " فأخر الجواب إلى آخر (ق/ ٦٥ ب).
(٥) انظر: "الفتاوى" (٤/ ٣٥٠ - ٣٩٢) وهي رسالة خاصة بهذه المسألة.