للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال آخر]:

نالوا السماءَ وحطُّوا من نفوسِهمُ ... إنَّ الكرامَ إذا انْحطوا فقد صعِدوا

* لو صدق عزمُكَ قذفَتْكَ ديارُ الكَسَل إلى بيداء الطَّلَب (١).

* الناقد يخافُ دخولَ البَهْرجِ عليه واختلاطَه بماله والمبهرِجُ آمن، هذا الصِّدِّيقُ يُمسِكُ بلسانه ويقول: هذا الذي أوردني المواردَ، وعُمَرُ يناشد حذيفة؛ هل أنا منهم (٢)، والمخَلِّطُ على بساط الأمن.

* إذا جنَّ الليل وقع الحربُ بين النوم والسهو، فكان الشوق والخوفُ في مقدمة عسكر اليَقَظة، وصار الكَسَل والتَّواني في كتيبة الغفلة، فإذا حمل العزمُ حملةً صادقةً هزم جنودَ الفُتور والنوم، فحصل الظفرُ والغنيمةُ، فما يطلُع الفجرُ إلَّا وقد قُسِمَتِ السُّهمانُ وما عند النائمين خَبَرٌ.

قام المُتهجِّدونَ على أقدام الجدِّ تحت ستر الدُّجى، يبكون على زمنٍ ضاع في غير الوصال.

* ما زالت مطايا السَّهَو تذرعُ بيداءَ الدُّجى، وعيونُ آمالها لا ترى إلَّا المنزلَ، وحادي العزم يقول: يا رفقةَ اللَّيلِ طابَ السَّيْرُ فاغتنِموا المَسْرَى، فمنْ نام طولَ اللَّيْل لم يَصِل. إلى أنَّ هبَّ نسيمُ السَّحَر، فقام الصارخُ يبغي ظلام الليل، فلما همَّ بالرَّحيل تشَبَّثَ القوم بأذياله يبكونَ على فِراقِ المحبوب، فلما طَلَعَ الفجرُ حدا حاديهم:

* عند الصَّبَاحِ يحمَدُ القوم السُّرَى *


(١) "المدهش": (ص / ٤٦٥ - ٤٦٦).
(٢) يعني: المنافقين.