للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* إذا رُزِقْتَ يَقَظَة فصُنْها في بيت عُزْلة، فإنَّ أيدي المُعَاشرة نَهَّابَةٌ احذر معاشرةَ البَطَّالينَ فإن الطبع لصٌّ، لا تُصَادِقَنَّ فاسقًا ولا تَثِقْ إليه، فإنَّ مَنْ خانْ أَوَّلَ منعمٍ عليه لا يَفي لك.

يا فرخَ التوبة لازم ذِكْرَ الخلوة، فإن هِرَّ الهوى صَيُودٌ، إيَّاكَ والتَّقَرُّبَ من طرف الوَكْر، والخروجَ من بيت العُزْلة، حتى يَتكامَلَ نَبَاتُ الخوافي وإلَّا كنت رزقَ الصَّائدِ.

الأُنْسُ بالخَلْق دِبْقٌ (١)، أوَّل ما يعرقل (٢) جناحُ الطَّرِ، والمُخالطةُ توجِبُ التَّخليطَ، وأيسرها تشتيتُ الهِمَّةِ وضعف العزيمةِ:

أقَلُّ ما فْي سُقوطِ الذِئْب في غَنَمٍ ... إن لم يُصِبْ بعضَها أن تَنْفِرَ الغَنَمُ

* إن لم تكن من جملة المستحقِّين للميراث فكن في رفقة: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى}.

ويْحَك لا تحْقر نفْسَك فالتائبُ حبيبٌ، والمُنْكَسِرُ صحيح، إقرارُك بالإفلاسِ عينُ الغنى، تنكيسُ رأسِكَ بالنَّدم هو الرِّفْعَةُ، اعترافُك بالخطأ نْفسُ الإصابة.

عرضتْ سلعة العبوديَّةِ في سوق البيع، فَبَدلَتِ المَلائكةُ نَقدَ {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ} فقال آدم: ما عندي إلَّا فلوسُ إِفلاس نقشُها {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} فقيل: هذا الذي يُنْفقُ على خزانة الخاص، أنينُ المذنبين أحبُّ إلينا من زَجَل المُسَبِّحِينَ.

* إن كان يأجوجُ الطَّبعْ ومأجوجُ الهوى قد عاثوا في أرضِ القُلوبِ


(١) "المدهش": "رِبْق" وهو الحبل الذي تُشد له الغنم، والدِّبق الغِراء الذي تُصاد به الطيور.
(٢) (ظ): "يعلق".