للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأفسَدوا فيها، فأعِينوا المَلِكَ بقوَّة يجعلْ بينكمْ وبينَهم رَدْمًا، اجمعوا له من العزائمِ ما يُشَابهُ {زُبَرَ الْحَدِيدِ}، ثم تفكَروا فيما أسلفْتُم، ليثورَ صعداء الأسفِ، فلا يَحتاج أن يقولَ لكم: {انْفُخُوا}.

شدوا بنيانَ العزمِ بهجر المألوفاتِ والعوائدِ، وقد استحكَمَ البناء، فحينئذ أَفْرغوا عليه قِطْرَ الصَّبْر، وهكذا بنى الأولياءُ قبلَكم فجاء العدوُّ {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (٩٧)}.

ضاقت أيام الموْسم فَأَسْرعوا بالإبِلِ. لا تَفُتكُمُ الوَقْفَةُ (١).

* إذا لم تُخْلِصْ فلا تتعبْ، لا تَحْدُ ومالَكَ بعيرٌ، لا تمدَّ القوسَ وما لها وَتَرٌ.

(ق/٢٩٦ ب) كم بَذَلَ نَفسَه مراء لمدْحَةِ (٢) الخَلْقُ، فذهبت نفسُه وانقلبت المدح ذمًا، ولو بذلها لله لبقيتْ ما بَقِي الدهر، عملُ المرائي بَصَلة كلُّها قشور، المرائى يحشو جرابَ الزوادة رملًا يثقله في الطريق ولا ينفعه، ريحُ الرِّياء جيفةٌ تتجَافاهَا (٣) مسامُّ القلوب.

* لما أخد دودُ القَزِّ ينسِجُ أقبلتِ العنكبوتُ تتشبَّه، وقالت: لك نسج ولي نسج، فقالت دودة القز: ولكن نَسْجي أرديةُ الملوك ونَسْجُكِ شبكةُ الذباب، وعند مس الحاجةِ يتبيَّنُ الفَرقُ.

إذا اشتبكتْ دموعٌ في خدودٍ ... تَبين مَنْ بكى ممن تَبَاكى (٤)


(١) "المدهش": (ص/ ٤٢٦ - ٤٢٩).
(٢) (ق): "ليمدَحَه". وما بعدها في الأصول هكذا "وانقلبت المدح" ولعلها: "المدحة"، وفي "المدهش": "وانقلبت والمدح".
(٣) كذا في (ع)، و (ق): "تتحاشاها"، و"المدهش": "تتحاماها".
(٤) البيت للمتنبي "ديوانه": (٢/ ٣٩٤ - شرحه).