للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما أكلت إلا اسم الخبز، بل هذا النفي أبلغ في آلهتهم؛ فإنه لا حقيقةَ لإلهيتها بوجهٍ، وما الحكمة (١) ثَمَّ إلا مجرد الاسم، فتأمَّل هذه الفائدة الشريفة في كلامه تعالى.

فإن قيل (٢): فما الفائدة (٣) في دخول الباء في قوله: {فَسَبِّحْ بِاْسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤)} [الواقعة: ٧٤]، ولم تدخل في قوله: {سَبِّحْ اسْمِ رَبِّكَ الْأَعَلَى (١)} [الأعلى: ١].

قيل: التسبيح يراد به التنزيه والذكر المجرد دون معنى آخر، ويراد به ذلك مع الصلاة، وهو ذكر وتنزيه مع عمل، ولهذا تسمَّي الصلاة: تسبيحًا، فإذا أُريد التسبيح المجرد (٤)؛ فلا معنى للباء؛ لأنَّه لا يتعدى بحرف جر، لا تقول: سبحت بالله، وإذا أردت المقرون بالفعل، وهو الصلاة، أدخلت الباء تنبيهًا على ذلك المراد، كأنك قلت: سبح مفتتحًا باسم ربك، أو ناطقًا باسم ربك، كما تقول: صل مفتتحًا أو ناطقًا باسمه، ولهذا السر -والله أعلم- دخلت اللام في قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلِّهِ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الحديد: ١] والمراد التسبيح الَّذي هو السجود، والخضوع، والطاعة، ولم يقل في موضع: سبح الله ما في السموات والأرض (٥)، كما قال: {وَلِلِّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السِّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الرعد: ١٥]، وتأمل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (٢٠٦)} [الأعراف: ٢٠٦] فكيف


(١) سقطت من (ق).
(٢) انظر: "نتائج الفكر": (ص/ ٤٦).
(٣) (ق): (الحكمة).
(٤) سقطت من (ق).
(٥) (ق): "يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض".