للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولكم: لو حَلَفَ لاْ يأكل تمرة ولا يكلم إنسانًا، ثم اختلط المحلوفُ عليه بغيره لم يخرجْ بالقُرعة.

فيقال: هذه المسألة ليست منصوصًا عليها، ولا يُعْلَم فيها إجماع البتة فإن كانت مثلَ مسألتنا سواءٌ، فالصوابُ التسَّوِيَة بينهما، وإن كان بينهما فرقٌ بطَلَ الإلحاقُ فبطَلَ الإلزام بها على التقديرين، نعم غايةُ ما يفيدُكم إلزام المفرِّق بينهما بالتناقض (١)، وأنه يجبُ عليه التسويَةُ بينهما في الحُكْم، وهذا ليس بدليل مثبت (٢) لكم حَكمَ المسألة، إذ مُنازعُكم يقول: تنَاقضِي في الفرق بينَ المسألتين ليس بدليل على صحَّة ما ذهبتم (ق / ٣٠٨ أ) إليه، فإن كان التفريق باطلًا جاز أن يكون الباطل في عدم القول بالقُرعة في مسألة الإلزام، ولا يتعين أن يكون الباطلُ القولَ بها في المسألة المتنازع فيها فهذا جواب إجماليٌّ كاف، فكيف والفرق بينهما في غاية الظُّهور؟! فإنه إذا حلفَ لا يأكلُ تمرةً بعينها، ثم وقعت في تمر (ظ/٢١٥ أ) فأكل منه واحدة، فإنه لا يحنث حتى يأكلَ الجميع، أو ما يُعْلَم بهْ أنه أكلها، وما لم يتيقن أكلُها لم يتيقن حِنْثهُ، فلا حاجة إلى القُرْعة، وكذلك مسألةُ كلامِ رجل بعينه.

فإن قيل: فهل يأمنونَه بالإقدام على الأكل مع الاختلاط؟.

قيل: الورع أن لا يقدمَ على الأكل، فإن أكل لم يحنَثْ حتى يتيقن أَكْلُهُ لها.


(١) (ظ): "إلزام المفرق بينهما وإن كان بينهما فرق بطل التقديران بالتناقض" وهو تكرار عن السطر قبله!.
(٢) (ظ): "يثبت".