للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولكم: لا سَلَفَ بالقُرْعَة في هذه الصُّورة.

فيقال: سبحان الله تعالى! وأيُّ سلف معكم؟ يوقفُ الرجلُ عن جميع زوجاته وجعلهن معلَّقات لا مزَوَّجات ولا مُطَلَّقات إلى الموت، مع وجوب نفقتهن وكسوتهن وسُكناهن عليه؟.

وينبغي أن يُعْلمَ: أد القول الذي لا سَلَفَ به الذي يجِبُ إنكاره: أن تكون المسألة قد وقعت في زمن السلف، فأفتَوْا فيها بقول أو أكثرَ من قول، فجاء بعضُ الخلف فأفتى فيها بقول لم يقلْه فيها أحدٌ منهم، فهذا هو المنكر.

فأما إذا لم تكنِ الحادثةُ قد وقعتْ بينهم وإنما وقعتْ بعدَهم، فإذا أفتى المتأخرون فيها بقول لا يُحْفَظُ عن السَّلف لم يُقلْ: إنه لا سَلَفَ لكم في المسألة، اللهم إلا أن يفتوا في نظيرها سواء بخلافِ ما أفتى به المتأخِّرونَ، فيقال حينئذٍ: إنه لا سَلَفَ لكم بهذه الفتوى، وليس هذا موضعَ بسط الكلام في هذا الموضع، فإنه يستدعي تحريرًا أكثرَ من هذا.

وأما قولكم: لو حَلَفَ لا يأكل تمرةً وقعتْ في تمر، فأكَلَ منه واحدةً، فإن الخِرَقِيَّ يحرم عليه امرأتَه حتى يعلمَ أنها ليست التي حلف عليها (١)، مع أن الأصلَ بقاءُ النكاح فهاهنا أولى.

قلنا: الخِرَقي لم يصرح بالتَّحريم، بل أفتى بأنه لا يقربُ زوجَتَهَ حتى يَتبَيَّنَ الحال، وهذا لا ينتهضُ للتحريمِ، ولفظ الخِرقي في "مختصره" (٢)


(١) (ظ): "التي وقعت عليها اليمين".
(٢) مع "المغني": (١٠/ ٥٢٣).