لدليل كونه حيضًا أصلًا لا من كتاب ولا سُنَّة ولا إجماع ولا معقول، فليس هذا مشكوكًا فيه، والمقصودُ التمثيل.
القسم الثاني: الشكُّ العارض للمكلَّف بسبب اشتباه أسباب الحكم عليه وخفائِها لنسيانه وذهولِه، أو لعدم معرفته بالسَّبب القاطع للشَّكِّ، فهذا القسمُ واقعٌ كثيرًا في الأعيان والأفعال، وهو المقصودُ بذكر القاعدة التي تضبطُ أنواعه.
والضابطُ فيه: أنه إن كان للمشكوكِ فيه حالٌ قبل الشَّكِّ استصحبها المكلَّفُ وبنى عليها حتى يَتَيَقَّنَ الانتقالَ عنها، هذا ضابطُ مسائله.
فمن ذلك: إذا شكَّ في الماء هل أصابته نجاسةٌ أم لا؟ بنى على يقين الطَّهارة.
ولو تَيَقَّنَ نجاسَتَهُ ثم شكَّ هل زالت أم لا؟ بنى علي يقينِ النَّجاسةِ.
الثالثة: إذا أحدثَ ثم شَكَّ هل تَوَضَّأَ أم لا؟ بنى علي يقين الحَدَث. ولو توضَّأَ وشَكَّ في الحدث بنى علي يقين الطَّهارة. وفروعُ المسألة مبنيةٌ على هذا الأصل.
الرابعة: إذا شكَّ الصائمُ في غروب الشمس لم يَجُزْ له الفطر، ولو أكلَ أفطرَ، ولو شَكَّ في طُلوع الفجر جاز له الأكلُ، ولو أكل لم يُفْطِرْ.
الخامسة: لو شكَّ هل صلَّى ثلاثًا أو أربعًا وهو منفردٌ بنى على اليقين، إذ الأصلُ بقاءُ الصلاةِ في ذمته، وإن كان إمامًا فعلى غالب ظَنِّه؛ لأن المأمومَ يُنَبِّهُهُ، فقد عارَضَ الأصْلَ هنا ظهورُ تنبيهِ المأموم على الصَّوابِ. وقال الشافعي ومالك: يبني على اليقين مطلقًا؛ لأنه الأصلُ.