للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحْضَة؛ لأنَّ الصفات لا يقتصر على ذكرها دون الموصوف.

قال السُّهيلي: "والبدل عندي فيه ممتنع، وكذلك عطف البيان؛ لأنَّ الاسم الأول لا يفتقر إلى تبيين، فإنه أعرف المعارف كلها، وأبينها (١)، ولهذا قالوا: {وَمَا الرَّحْمَنُ} [الفرقان: ٦٠] ولم يقولوا: وما الله؟ ولكنه -وإن جرى مجرى الأعلام- فهو وصف، يُراد به الثناء، وكذلك "الرحيم"، إلَّا أنّ "الرحمن" من أبنية المبالغة كغضبان ونحوه، وإنّما دخله معنى المبالغة من حيث كان في آخره ألف ونون كالتثنية، فإن التثنية في الحقيقة تضعيف؛ وكذلك هذه الصفة، فكأن "غضبان" و"سكران" حامل (٢) لِضِعْفَين من الغضب والسُّكْر، فكان اللفظ مضارعًا للفظ التثنية؛ لأنّ التثنية ضعفان في الحقيقة، ألا ترى أنهم -أيضًا- قد شبهوا التثنية بهذا البناء، إذا كانت لشيئين متلازمين فقالوا: الحَكَمان والعَلَمان، وأعربوا "النون" كأنه اسم لشيءٍ واحد، فقد (٣) اشترك باب "فَعْلان" وباب التثنية، ومنه قول فاطمة: "يا حَسَنانُ يا حُسَينانُ" برفع النون لابْنَيها، ولمضارعة التثنية امتنع جمعُه، فلا يقال: غضابين، وامتنع تأنيثه، فلا يقال: غضبانة، وامتنع تنوينه كمالا ينون نون المثنى (٤)، فجرت عليه كثير من أحكام التثنية لمضارعته إياها لفظًا ومعنى.

وفائدة الجمع بين الصفتين؛ "الرحمن والرحيم": الإنباء عن رحمةٍ عاجلةٍ وآجلةٍ، أو (٥) خاصة وعامة" تمَّ كلامه.


(١) (ق): "وأثبتها".
(٢) (ظ ود): "كامل"! لكن صُححت في (د) بخط مغاير.
(٣) (ظ ود): "فقالوا" والتصويب من (ق) و"النتائج".
(٤) من قوله: "لابنيها ... " إلى هنا ساقط من (د).
(٥) (ظ): "و".