للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: لا ينْقِصكم، والمنافق لا طاعةَ له (١).

ومنها: أنه قال: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ} [الحجرات: ١٧]، فأثبت لهم إسلامًا ونهاهم أن يَمُنُّوا علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو لم يكنْ إسلامًا صحيحًا لقال: لم تُسْلِموا، بل أنتم كاذبون كما كذبهم في قولهم: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: ١] لما لم تطابقْ شهادتُهم اعتقادَهم.

ومنها: أنه قال: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ} ولو كانوا منافقينَ لما منَّ عليهم.

ومنها: أنه قال: {أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} ولا ينافي هذا قوله: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا} فإنه نفي (٢) الإيمان المطلق، ومنَّ عليهم بهدايتهم إلى الإسلام الذي هو متضمِّنٌ لمطلق الإيمان.

ومنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قَسَم القَسْمَ قال له سعد: أعطيتَ فلانًا وتركتَ فلانًا وهو مؤمن، فقال: "أو مُسْلِمٌ" (٣) ثلاث مرات، فأثبت له الإسلامَ (٤) دونَ الإيمانِ. وفي الآية أسرارٌ بديعة ليس هذا موضِعَها. والمقصودُ: الفرقُ بين الإيمان المطلقِ ومطلق الإيمان. فالإيمانُ المُطلق يمنعُ دخولَ النار، ومطلق الإيمان يمنع الخلودَ فيها (٥).

العاشر: أنك إذا قلت: الأمرُ المطلقُ فقد أدخلت الَّلام على الأمرِ، وهي تُفيدُ العمومَ والشُّمولَ، ثم وصفته بعد ذلك بالإطلاق،


(١) (ق): "والمنافقون لا طاعة لهم".
(٢) (ع): "لا ينفي" وهو خطأ.
(٣) أخرجه البخاري رقم (٢٧)، ومسلم رقم (١٥٠) من حديث سعد بن أبي وقاص - رضى الله عنه-.
(٤) بعده في (ق): "ثلاث مرات".
(٥) وانظر "مجموع الفتاوى": (٧/ ٢٣٨ - ٢٥٣).