للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: ليس هذا بسفر طويل، فقال الشَّيخ: هذا فطرٌ للتَّقَوِّي على جهاد العدو، وهو أولى من الفطر لسفر يومين سفرًا مُباحًا أو معصية، والمسلمون إذا قاتلوا عدوَّهُم وهم صيامٌ لم يُمْكِنْهمُ النكايةُ فيهم، وربما أضعفهم الصَّومُ عن القتال، فاستباح العدوُّ بيضةَ الإسلام، وهل يشكُّ فقيه أن الفطر هاهنا أولى من فطر المسافر، وقد أمرهم النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في غَزَاة الفتح بالإفطار لِيَتَقَوَّوْا على عدوُّهم (١)، فعلَّل ذلك للقُوَّة على العدو لا للسَّفَر، والله أعلم.

قلت: إذا جار فطرُ الحامل والمُرْضع لخوفهما على ولديهما، وفطر من يُخَلِّص الغريق، ففطر المقاتلين أولى بالجواز، ومن جعل هذا من المصالح المرسلة فقط غلط، بل هذا أمرٌ من باب قياس الأوْلى (٢)، ومن باب دلالة النَّصِّ وإيمائه.

* إذا وطئ ميتةً هل يجبُ إعادةُ غسلها؟

أجاب ابن الزاغوني: ينظرُ فيه فإن كان صُلِّيَ عليها فلا غسل عليها؛ لأن الغسلَ طهارتُها لأجل الصَّلاة عليها، وقد سقط فرض الصَّلاة عنها بالأولى، غير أنه يمنعُ من إعادة الصَّلاة عليها بعد ذلك، وإن لم يكنْ صلَّى عليها أعيدَ غسلها.

وقد اختلف أصحابُنا في وطء الميتة هل يوجب الحَدَّ وينشرُ الحرمةَ؟ على وجهين: أحدهما: يوجب الحَدَّ وينشرُ الحُرْمَةَ، فعلى


(١) أخرجه أحمد: (٢٥/ ٢٤١ رقم ١٥٩٠٣)،، وأبو داود رقم (٢٣٦٥)، والحاكم: (١/ ٤٣٢) عن بعض أصحاب النَّبيّ - صَلَّى الله عليه وسلم -.
وصححه ابن عبد البر في "التمهيد": (٢٢/ ٤٧).
(٢) من قوله: "بالجواز ... " إلى هنا ساقط من (ع).