للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأخرس والمتكلِّم، وأمَّا غيرُ ذلك فإنه يجري منهما مجرى العمل في (١) الصَّلاة، إن كان يسيرًا عُفِيَ عنه، وإن كان كثيرًا أبطلَ الصَّلاةَ.

وجواب أبي الخطَّاب: إذا كَثرُ ذلك منه بَطَلَتْ صلاتُهُ.

وجواب ابن عَقِيل: إشارتُه المفهومةُ تجري مجرى الكلام، فإن كانت بردِّ السَّلام خاصَّة لم تَبْطُلْ صلاتُهُ، وما سوى ذلك تَبْطُل.

قلت: إشارةُ الأخرس مُنَزَّلة منزلةَ كلامه مطلقًا، وأمَّا تنزيلها منزلةَ الكلام في غير ردِّ السَّلام خاصة فلا وجهَ له، وإنَّما كان ردُّ السَّلام من النَّاطقِ بالإشارةِ غيرَ مُبْطل في أصحِّ قولي العلماء، كما دلَّ عليه النص؛ لأنَّ إشارته لم تُنزَّل منزِلةَ كلامِهِ، بخلاف الأخرسِ فإن إشارتَهُ المفهمةَ ككلام الناطق في سائر الأحكام.

* إذا توضأ بماء زمزم هل يجوز أم لا؟

أجاب ابنُ الزاغوني: لا يختلف المذهب أنَّه منهيٌّ عن الوضوء به، والأصل في النَّهي قول العباس: "لا أُحلِّها لمغتسل، وهي لشارب حِلٌّ وَبِلٌّ" (٢)، واختُلِف في السبب الذي لأجله ثبتَ النَّهي، وفيه طريقان:

أحدهما: أنَّه اختيارُ الواقف وشرطُه، وهو قول العباس.

وقد اختلف أصحابُنا في مسألةٍ مثل هذه، وهي: أن رجلًا لو سَبَّلَ ماءً للشُّرْب، فهل يجوزُ لأحد أن يأخذ منها ما يَتَوضَّأ به؟ قال


(١) (ع): "من".
(٢) أخرجه عبد الرَّزاق: (٥/ ١١٤، ٣١٦)، وأحمد في "العلل": (٢/ ١٨٧) والأزرقي في "أخبار مكة": (٢/ ١٤، ٦٣ - ٦٤).