للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضُهم: يجوز ويُكرَهُ، فعلى هذا يكون النّهيُ عنها كراهية تنزيه لا تحريم.

وقال آخرون من أصحابنا: لا يجوز له الوضوءُ به؛ لأنَّه خالف مرادَ الواقفِ، فعلى هذا لا يجوز الوضوءُ بماء زمزم.

فأمَّا الطريقُ الآخرُ: أن سببَهُ الكرامةُ والتعظيمُ.

فإن قلنا: ما يتحدَّرُ من أعضاء المُتَوضِّئ طاهرٌ غير مُطَهِّر، كأَشْهَر الرِّوايات كُرِهَ الوضوءُ بماء زمزم.

وإن قلنَا بالرواية الثَّانية: إنَّه يحكم بنجاسة ما ينفصل من أعضاء الوضوء حرمَ الوضوءُ به (١).

وإن قلنا بالرِّواية الثالثة: إنَّ المنفصلَ طاهرٌ مطهِّرٌ لم يَحْرُمِ الوضوء به ولم يُكْرَهُ؛ لأنَّه لم يؤثر الوضوء فيه بما يوجب رفع التعظيم عنه، فأمَّا إن أزال به نجاسة وتغير كان فعله محرمًا، وإن لم يتغيَّر وكان في الغسلة السابعة؛ فهل يحرم أو يكره؟ على روايتين.

وإن قلنا: إن الماءَ لا ينجس إلَّا بالتَّغَيُّر، فمتى انفصل غيرَ مُتَغَيِّر في أيِّ الغَسْلاتِ كان، كُرِهَ ولم يحرُمْ.

قلت: وطريقةُ شيخِنا شيخِ الإسلام ابن تيْميَّةَ كراهة الغُسل به دود الوضوء، وفرَّقَ بأن غُسْلَ الجَنابة يجري مجرى إزالة النجاسة من وجه، ولهذا عمَّ البَدَن كلَّه لما صار كلّه جُنُبًا، ولأن حَدَثها أغلظُ، ولأن العباس إنما حَجَرها على المغتسل خاصَّة (٢).


(١) (ظ): "كره ... "، و "حرم الوضوء" سقطت من (ق).
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى": (١٢/ ٦٠٠)، و "زاد المعاد": (٣/ ٦٦٩).