للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكان الحرف حاجرًا بينه وبين الحديث في اللفظ، والحَدّث يستحيل انفصاله عن فاعله، كما يستحيل انفصال الحركة عن محلها، فوجب أن يكون اللفظ غير منفصل؛ لأنَّه تابع للمعنى، فلم يبق إلا أن يُشتقَّ من لفظ الحديث لفظ يكون كالحرف في النيابة عنه، دالًّا على معنًى في غيره، ويكون متصلًا اتصال المضاف بالمضاف إليه، وهو الفعل المشتق من لفظ الحَدَث، فإنه يدل على الحديث بالتضمُّن، ويدل على [أنَّ] (١) الاسم مُخْبَر عنه لا مضاف إليه، إذ يستحيل إضافة لفظ الفعل إلى الاسم، كاستحالة إضافة الحرف؛ لأنّ المضاف هو الشيء بعينه، والفعل ليس هو الشيء بعينه، ولا يدل على معنًى في نفسه، وإنّما يدل على معنًى في الفاعل، وهو كونه مخبرًا عنه.

فإن قلت: كيف لا يدل (٢) على معنى في نفسه، وهو يدل على الحدث؟.

قلنا: إنّما يدل على الحديث بالتضمُّن، والدال عليه بالمطابقة هو "الضَّرْب" و"القَتْل"، لا "ضَرَبَ" و"قَتَلَ"، ومن ثمَّ وجب أن لا يضاف، ولا يعرَّف بشيء من آلات التعريف؛ إذ التعريف يتعلق بالشيء بعينه، لا بلفظ يدل على معنى في غيره، ومن ثَمَّ وجب أن لا يثنَّى ولا يُجمع كالحرف، ومن ثَمَّ وجب أن يُبنى كالحرف، ومن ثَمَّ وجب أن يكون عاملًا في الاسم كالحرف، كما أنّ الحرف لما دل على معنًى في غيره؛ وجب أن يكون له آثر في لفظ ذلك الغير، كماله آثر في معناه، وإنّما أعرب المستقبل ذو الزوائد؛ لأنَّه تضمن معنى الاسم إذ "الهمزة" تدل على المتكلم، و"التاء" على المخاطب، و"الياء"


(١) زيادة من "النتائج".
(٢) (ق): "كيف لا يكون دالًّا".