للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الغائب، فلما تضمن بها معنى الاسم، ضارعه فأُعْرِب، كما أن الاسم إذا تضمَّن معنى الحرف بُني.

"وأما الماضى والأمر" فإنهما -وإن تضمنا معنى الحديث وهو اسم- فما شاركا فيه الحرف من الدلالة على معنى في غيره، وهي حقيقة الحرف، أوجب بناءهما، حتَّى إذا ضارع الفعل الاسم من وجه آخر، غير التضمن للحدث، خرج عن مضارعة الحرف، وكان أقرب شبهًا بالأسماء كما تقدم.

ولما قدمناه من دلالة الفعل على معنًى في الاسم -وهو كون الاسم مخبرًا عنه- وجب أن لا يخلو عن ذلك الاسم مضمرًّا أو مظهرًا بخلاف الحديث. فإنّك تذكره ولا تذكر الفاعل مضمرًا ولا مظهرًا نحو قوله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥)} [البلد: ١٤، ١٥] وقوله: {وَإِقَامَ الصَّلَاةِ} [الأنبياء: ٧٣] والفعل لابد من ذكر الفاعل بعده، كما لابد بعد الحرف من الاسم.

فإذا ثبت المعنى في اشتقاق الفعل من المصدر، وهو كونه دالًّا على معنى في الاسم؛ فلا يحتاج من الأفعال الثلاثة إلا إلى صيغة واحدة، وتلك الصيغة هي لفظ الماضي؛ لأنَّه أخف وأشبه بلفظ الحديث، إلا أن تقوم الدلالة على اختلاف أحوال المحدث (١)، فتختلف صيغة الفعل.

ألا ترى كيف لم (٢) تختلف صيغته بعد "ما" الظرفية من قولهم: "لا أفعله ما لاح برق، وما طار طائر"؛ لأنهم يريدون الحديث مخبرًا


(١) في "النتائج": (ص / ٦٩): "الحدث".
(٢) سقطت من (ظ ود).