للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجوابه: أن استحقاقَ خصمِهِ للنصفِ لم يكن مستنِدًا إلى إقراره له به، بل النصفُ له، سواءٌ أقرَّ له به خصمُه أو نازعَهُ، فإقرارهُ إنما زادَه تأكيدًا، ويدُ كلِّ منهما مثبتةٌ (١) لنصف المُدَّعَى، وأحدُهما يقول لصاحبه: ليست يَدُكَ يدَ عُدْوانٍ، والآخرُ يقولُ لُمدَّعي النِّصفِ: يَدُكَ يدُ عُدْوانٍ، فلو قضينا له بشيءٍ مما بيدِ خصمِه لقضينا له بمجرَّدِ قولِهِ ودعواه، وهذا لا نَصَّ ولا قياسَ، واللهُ أعلم.

وقال له رجل: أكري نفسي لرجلٍ أُلْزِمُ له الغُرَماء؟ قال: غيرُ هذا أعجبُ إليَّ.

وسمعته يقول: ما أقلَّ بَرَكَةَ بيْع العقار إذا بيع.

وقيل له: ما تقولُ في رجل اكترى من رجل دارًا، فوجد فيها كناسةً، فقال صاحب الدار: لم يكن هذا في داري، وقال السَّاكنُ: بل (٢) قد كان في دارِك؟ فقال هو على صاحبِ الدار.

سألتُ أبا عبد الله عن الصَّائغ يغسلُ الفِضَّةَ بدُرْدِي (٣) الخمر؟ قال: هذا غِشٌّ، لعلَّ الفضة تكون سوداء فَتَبْيَضُّ.

أملى عَليَّ أبو عبد الله: إنما على الناس اتِّباعُ الآثارِ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعرفةُ صحيحها من سقيمها، ثم بعد ذلك قولُ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يكنْ قولُ بعضِهم لبعض مخالفًا (٤)، فإن اختلفَ نُظِرَ في الكتاب، فأيُّ قولهم كان أشبَهَ بالكتابِ أُخِذَ به،


(١) (ع): "مبينة".
(٢) (ق وظ): "بلى".
(٣) الدُّرْدي: ما يبقى في أسفل كل مائع كالأشربة والأدهان. "اللسان": (٣/ ١٦٦).
(٤) في النسخ بالرفع. ويصح أن تكون الجمل التي بعدها مبنية للمعلوم.