للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدعوى مجرَّدة، ولهذا يحكمُ له بالشاهدين تارةً، وبالواحد تارةً (١)، وبالنُّكولِ تارةً، وبالقرائنِ الظاهرةِ وبالصِّفَة وبالشَّبَهِ (٢)، وهذا كُلُّه أمرٌ رائدٌ على مجرَّدِ الدَّعوى، فلم يحكمْ له بدعوى مجرَّدة، وأين تقَعُ معاقدُ القُمُط ووجوهُ الآجُرِّ والخصِّ (٣) من الصِّفَةِ هاهنا، وفي اللُّقطة والله الموفق.

وقال أحمد: إذا ادعى أحدُهم الدارَ أجمع، قال الآخر: لي نصفُها، فهي بينَهما نصفانِ، وقد يقولُ بعضُ الناسِ: هي بينَهما ثلاثةُ أرباع لمدَّعي الجميعِ، وللآخرِ الرُّبُعُ.

قلت: وجهُ هذا: أن مدَّعي النِّصفِ قد اعترفَ أن النِّصفَ الآخر لا حقَّ له فيه، فلا منازعَ لخصمِه فيه، فينفردُ به وخصمُهُ ينازعه في هذا النصفِ المدَّعى، وكلاهما يَدَّعِيه، فهما فيه سواءٌ.

ووجهُ المنصوص وهو القياسُ: أن أيديهما على الدَّار سواءٌ، فلكلِّ واحدٍ نصفُها، ومُدَّعي الكلِّ يَدَّعي النصفَ الذي للآخر وهو يُنْكِرُهُ، فلو أُعطي منه شيئًا لأعطيَ بمجرَّد دعواه، وهو باطلٌ، فإن خصمَه إنما يُقِرُّ له بالنِّصفِ، فلأي شيء يُعطى نصفَ ما بيدِ خصمِه بمجرَّد الدعوى، فهذا القولُ ضعيفٌ جدًّا.

وقولهم: "إنهُ يُقِرُّ (٤) لخصمِه بالنِّصفِ، فينفردُ به، وهما متداعيانِ للنصف الآخرِ، فيقسم بينهما".


(١) بعده في (ظ) فقط: "وبالمرأة تارة".
(٢) (ق): "وبالشبهة".
(٣) انظر ما تقدم (٣/ ١٠٣٦).
(٤) (ق وظ): "مقر".