للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسمعتُه سئل عن المُكَحَّلَة (١) قال: لا يشتري بها شيئًا، ولكن إذا كان لك على رجلٍ دراهم فأعطاك مُكَحَّلَةً فخذ منه، كأنك أخذتَ دون حَقِّكَ. ورأيته يشدِّدُ في المُزَبَّقة (٢) جدًّا.

وسئل عن رجل كان ساكنًا، فقال له صاحبُ الدار: تحوَّلْ، فقال الساكنُ: قد دفنتُ في دارك شيئًا، فقال صاحبُ الدَّار: ليس ذلك لك، فقال أبو عبدٍ الله: ينبشُ كلُّ واحدٍ منهما ما دفن، فكلُّ من أصاب الوصفَ كان ذلك له، أو نحو ذلك.

قلت: هذا له ثلاثةُ أصول:

أحدُها: وصفُ اللُّقَطَةِ، فإنه يُوْجِبُ أو يُسَوِّغُ على القولِ الآخر دفعها إلى الواصف.

الثاني: الدعوى المتأيدة بالظَّاهر والعادة، كدعوى كُلٍّ من الزوجين ما يصلح له دونَ صاحِبِه، فإنه يُعطاهُ بدعواهُ المتَأَيِّدةِ بالظَّاهر (٣) والعادة.

الثالث: إن العلمَ المستفادَ من وصف أحدهما له بصِدْقه أقوى من العلم المستفاد بالشاهِد الواحدِ واليمين، أو نكولِ الخصمِ، وهذا مما لا سبيلَ للنفسِ إلى دفعِهِ، ومحالٌ أن يحْكَمَ بالأضعف، ويُلْغَى حُكْمُ ما هو أقوى منه، والذي منع منه الشرعُ أن المُدَّعِيَ لا يُعطى بدعوى مجرَّدة لا دليل معها شيئًا، فإذا تميَّزَتْ بدليل لم يُحْكَمْ له


(١) يعني: الدراهم المزيفة، انظر: "بدائع الصنائع" (٧/ ٣٩٥).
(٢) تحرفت في المطبوعات إلى: "الشريعة"! ودرهم مُزَأبق مطلي بالزئبق، والعامة تقول: مُزبَّق. "اللسان": (١٠/ ١٣٧)، وانظر: "مسائل صالح" رقم (١٥٨)، و "مسائل أبي داود"رقم (١٢٣٣ وما بعدها).
(٣) من قوله: "كدعوى ... " إلى هنا سقطت من (ق).