للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منافعَ الإجارةِ والأعيان المَبيعة قد تُسْتَباحُ بغير عِوَضٍ، بل تُباحُ بالبَدَلِ، بخلاف منفعةِ البُضْعِ، والمرأةُ لم تبذلْ بضعَها إلَاّ في مقابلة المهر، وبضعُها أعزُّ عليها من مالِها، فكيف يقال: إنَّ الصَّداقَ عارِيَّةٌ في النِّكاحِ غيرُ دخيل فيه، وهل هو إلَاّ أحقُّ بالوفاء من ثمنِ المَبيع.

والذي أوجبَ لمن قال: إنه دخيلٌ (١) في العقد، أنهم رَأوا النكاحَ يَصِحُّ بدون تسمية، فدلَّتْ (٢) على أنه ليس ركنًا في العقد، فهذا هو الذي دَعاهم إلى هذا القول.

وجوابُ هذا: أن النكاحَ لم ينعقدْ بدونه ألبتَّةَ، وإنما انعقدَ عند الإطلاق بصدَاقِ المِثْلِ، فوجَبَ صَدَاقُ المِثْلِ بنفس العقدِ، حتى صار كالمُسمَّى، وجعل الشارع سكوتَهم عنه بمنزلةِ الرِّضى به وتسميته، فلِم ينعقدِ النكاحُ بغيرِ صَدَاقٍ، وإنما انعقدَ (٣) بغير تسمية صَداقٍ، وفرْقٌ بينَ الأمرينِ.

والمقصود أن الشارعَ جوَّزَ أن تكونَ أعراضُ المبيعاتِ، والمنافعُ في الإجاراتِ، ومنفعةُ البُضْعِ منصرفة عند الإطلاق إلى عِوَضِ المِثْلِ، وإن لم يُسَمَّ عند العَقْدِ، وليسَ هذا موضعَ تقرير هذه المسائل، وإنما أشرنا إليها إشارةً.

قال: وسألتُه عن الرجل يشتري الثوبَ بدينار ودرهم؟ فقال: لا بأس به، قلت: فإن اشتراه بدينار غير درهم، قال: لا يجوزُ هذا (٤)


(١) (ق وظ): "غير دخيل" وهو خطأ!.
(٢) (ق وظ): "فدل".
(٣) من قوله: "عند الإطلاق ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(٤) نصّ عليه -أيضًا- في رواية الكوسج رقم (١١).