للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا إلقاؤها وقت الصلاة، وكذلك صلاة النساء في ثياب الرَّضاعة أمر مستمرٌّ في الإِسلام، مع أن الصِّبيانَ لا يزالُ لُعابُهمْ يسيلُ على الأمَّهاتِ، وهم يَتَقيَّئونَ ولا تُغْسَلُ أفواهُهم، وكذلك البيعُ والشراءُ بالسعرِ لم يزلْ واقعًا في الإِسلامِ حتى إنَّ مَنْ أنكره لا يجدُ منه بُدًّا، فإنه يأخذُ من اللَّحَّام والخَبَّاز وغيرهما كلَّ يومِ ما يحتاجُ إَليه من غير أن يساوِمَهُ على كلِّ حاجة، ثم يحاسبُهُ في الشهر أو العام، (ق / ٣٣٩ ب) ويُعطيه ثمنَ ذلك، فما يأخُذُه كلَّ يوم إنَّما يأخذُ بالسعر الواقع من غير مساوَمَةٍ، وكذلك الإجارةُ بالسِّعر في مثلِ دخول الحَمَّامِ، وغَسْلِ الغَسَّال، وطبخِ الطَّبَّاخِ والخَبَّاز وغيرهم، لم يزل الناسُ يفعلون ذلك من غير تقدير إجارَةٍ، اكتفاءً منهم بإجارة المثْل.

وقد نصَّ اللهُ تعالى على جوازِ النِّكاحِ من غير تسميةٍ، وحَكَمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَهْرِ المِثْل (١)، فإذا كان هذا في النكاحِ، ففي سائرِ العقود من البيوعِ والإجاراتِ أولى وأحْرى.

وقول القائل: "الصَّداقُ في النِّكاح دخيلٌ غيرُ مقصودٍ ولا ركنٌ"، كلامٌ لا تحقيقَ وراءَهُ، بل هو عِوَضٌ مقصودٌ، تُنْكَحُ عليه المرأة، وتُرَدُّ بالعَيْب، وتطالبُ به، وتمنعُ نفسَها من التسليم قبل قبضه، حيث يكونُ لها ذلك، وهو أحقُّ أن يُوَفَّى به من ثمن المَبِيع وعِوَضِ الإجارَة، فهو في هذا العقد أدخل من ثمن المَبيعِ وعِوَضِ الإجارة فيهما؛ لأن


(١) كما في قصة بَرْوَع بن واشق، كما في الحديث الذي أخرجه أحمد: (٧/ ١٧٥ رقم ٤٠٩٩)، وأبو داود رقم (٢١١٤)، وابن ماجه رقم (١٨٩١)، والنسائى: (٦/ ١٢٢)، وابن حبان "الإحسان": (٩/ ٤٠٨)، والحاكم: (٢/ ١٨٠ - ١٨١) وغيرهم من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-.
والحديث صححه الترمذي وابن حبان والحاكم والبيهقي.