للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقام العمل، نحو: "هل زيد بذاهب"، و"ما زيد بقائم"، فإذا سمع المخاطب "الباء" وهي لا تدخل في الثبوت، تأكد عنده ذكر النفي والاستفهام، وأنَّ الجملة غير منفصلة [عنه] (١)، ولذلك أعمل أهل الحجاز "ما" النافية [لتشبُّثِها] (٢) بالجملة.

ومن العرب من اكتفى في ذلك التعلق وتأكيده بإدخال "الباء" في الخبر؛ ورآها نائبة (٣) في التأثير عن العمل، الذي هو النصب.

وإنما اختلفوا في "ما"، ولم يختلفوا في "هل"؛ لمشاركة "ما" لـ "ليس" في النفي، فحين أرادوا أن يكون لها أثر في الجملة، يؤكَد [تشبئها] (٤) بها، جعلوا ذلك الأثر كأثر "ليس"، وهو النصب، والعمل في باب "ليس" أقوى؛ لأنها كلمة، كـ "ليت" و"لعل" و"كأنّ"، والوهم إلى انفصال الجملة عنها أسرع منه إلى توهُّم انفصال الجملة عن "ما" و"هل". فلم يكن بدّ من إعمال "ليس" وإبطال معنى الابتداء السابق. ولذلك إذا قلت: "ما أريد إلا قائم"، لم يعملها أحد منهم؛ لأنه لا يتوهم انقطاع "زيد" على "ما"؛ لأن "إلا" لا تكون إيجابًا إلا بعد نفي، فلم يتوهم انفصال الجملة عن "ما"، ولذلك لم يُعْمِلوها عند تقديم الخبر، نحو: "ما قائم زيد"، إذ ليس من رقبة النكرة أن يكون مبدوءًا بها مخبرًا عنها إلا مع الاعتماد على ما قبلها، فلم يتوهم المخاطب انقطاع الجملة عن "ما" قبلها, لهذا السبب فلم يحتج إلى إعمالها وإظهارها، وبقي الحديث كما كان قبل دخولها، مستغنيًا عن تأثيرها فيه.


(١) في الأصول: "عنده"، والتصويب من "النتائج".
(٢) في الأصول: "لشبهها" والتصويب من "النتائج".
(٣) (ظ ود): "ثابتة" و (ق) محتملة، والمثبت من "النتائج".
(٤) تحرفت في (ق وظ): والمثبت من (د) و"النتائج".