للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما حرف "لا"؛ فإن كان عاطفًا فحكمه حكم حروف العطف، ولا شيء منها عامل، وإن لم تكن عاطفة نحو: "لا زيد قائم ولا عَمرو"، فلا حاجة إلى إعمالها في الجملة؛ لأنه لا يتوهم انفصال الجملة بقوله: "ولا عمرو"؛ لأن الواو مع "لا" الثانية تشعر بالأولى لا محالة، وتربط الكلام بها؛ فلم يحتج إلى إعمالها، وبقيت الجملة عاملًا فيها الابتداء، كما كانت قبل دخول "لا".

فإن (ق ١٢/ ب)، قلت: فلو لم تعطف، وقلتَ: "لا زيد قائم"؟.

قلتُ: هذا لا يجوز؛ لأن "لا" يُنفى بها في أكثر الكلام ما قبلها، تقول: "هل قام زيد"؟ فيقال: لا. وقال سبحانه: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١)} [القيامة: ١] وليست نفيًا لما بعدها هنا، بخلاف ما (١) لو قيل: "ما أقسم" فإنّ "ما" لا (٢) تكون أبدًا إن نفيًا لما بعدها، فلذلك قالوا: "ما زيد قائم"، ولم يخشوا (٣) توهم انقطاع الجملة عنها, ولو قالوا؟ "لا زيد قائم"، لخيف أن يتوهم أن الجملة موجبة، وأن "لا" كـ "هي" أني (لا أقسم)؛ إلا أن تعطف فتقول: "لا زيد في الدار ولا عَمرو" وكذلك] في النكرات، نحو: {لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ} [الطور: ٢٣] إن أنهم في النكرات قد أدخلوها على المبتدإ والخبر تشبيها لها بـ "ليس"؛ لأنّ النكرة أبعد في باب (٤) الابتداء من المعرفة، والمعرفة أشد استبدادًا بأول الكلام.

وأما التي للتبرِئَة؛ فللنحويين فيها اختلاف، أهي عاملة أم لا؟ فإن كانت عاملة فكما أعملوا "إِن" حرصًا على إظهار تشبُّثها بالحديث.


(١) سقطت من (ق).
(٢) سقطت من (ق).
(٣) (ق): "يجتنبوا".
(٤) من (ق) وما بين المعكوفات قبلها من "النتائج".