للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لنواصب الأفعال وجوازمها أن تدخل على الأسماء ولا على (١) ما هو واقع موقعها. فهي إذا دخلت على الفعل؛ خلَّصته للاستقبال، ونفت عنه معني الحال، وهذ: معنًى يختصُّ بالفعل لا بالجملة.

وأما "إلا" في الاستثناء؛ فقد زعم بعضهم أنها عاملة، ونقض ذلك عليه (٢) بقولهم: "ما قام أحد إلا زيد"، و"ما جاءني إلا عَمرو"، والصحيح أنها موصلة الفعل إلى العمل في الاسم بعدها، كتوصيل واو المفعول معه الفعلَ إلى العمل فيما بعدها, وليس هذا يكسر الأصلَ الذي قدمناه، وهو: استحقاق جميع الحروف العمل فيما دخلت عليه من الأسماء المفردة والأفعال! لأنها إذَا كانت موصلة للفعل، والفعل عامل، فكأنها هي العاملة. فإذا قلت: "ما قام إلا زيد"، وقد أعملت الفعل على معنى الإيجاب، كما لو قلت: "قام زيد لا عَمرو"، وقامت "لا" مقام نفي الفعل عن عَمرو، فكذلك (٣) قامت "إلا" مقام إيجاب الفعل لزيد، إذا قلت: "ما جاءني إلا زيد"، فكأنها هي العاملة، فاستغنوا عن إعمالها عملًا آخر.

وكذلك حروف العطف، وإن لم تكن عوامل، فإنما جاءت "الواو" الجامعة منها لتجمع بين الاسمين في الإخبار عنهما بالفعل. فقد أوصلت الفعل إلى العمل في الثاني، وسائر حروف العطف يتقدَّرْ بعدها العامل، فتكون: في حكم الحروف الداخلةَ على الجمل. وإذا قلت: "قام زيد وعَمرو"، فكأنك قلت: "قام زيد (٤) وقام عَمرو"،


(١) من (ق).
(٢) من (ق).
(٣) (ظ ود): "فلذلك ".
(٤) "وعمرو، فكأنك قلت: قام زيد" سقطت من (ق).