للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما أَنَّ الرَّافع للفعل المضارع معنوي، ولكنه أقوى منه؛ لأنَّ حقَّ كلِّ مُخبر عنه أن يكون مرفوعًا لفظًا وحسًّا، كما أنه مرفوع معنى وعقلًا، ولذلك استحق الفاعلُ الرفعَ دون المفعول؛ لأنّه المحْدَث عنه الفعل (١)، فهو أرفع رتبة في المعنى، فوجب أن يكون [في] (٢) اللفظ كذلك، لأنه تابع للمعنى. وأما رفع الفعل المضارع فلوقوعه موقع الاسم المخبر عنه (٣) والاسم التابع له، فلم يَقْوَ قوَّته في استحقاق الرفع، فلم يمنع شيئًا من الحروف اللفظية عن العمل؛ إذ اللفظي أقوى من المعنوي، وامتنع ذلك في بعض الأسماء المبتدأة لضعف الحروف وقوة (٤) العامل السابق للمبتدأ.

الجواب الثاني: أن هذه الحروف لم تدخل لمعنى في الجملة، إنّما دخلت لمعنى (٥) في الفعل المتضمِّن للحديث من نفى أو إمكان (٦) أو نهي أو جزاءٍ أو غيره، وذلك كله يتعلق بالفعل خاصة لا بالجملة، فوجب عملها فيها كما وجب عمل حروف الجر في الأسماء، من حيث دلت على معنى فيها, ولم تكن داخلة على جملة قد سبق إليها عامل معنوي ولا لفظي.

ومما ينبغي أن يُعْلَمْ أن النواصب والجوازم لا تدخل على الفعل الواقع موقع الاسم، لحصوله في موضع الأسماء، فلا سبيل


(١) في الأصول: "بالفعل"، والتصويب من "النتائج".
(٢) زيادة من "النتائج".
(٣) كذا في الأصول و"النتائج"! والصواب: "به".
(٤) (ظ ود): "وقلّة"!.
(٥) "الجملة، إنما دخلت لمعنى في" سقطت من (د).
(٦) (ظ ود): "إنكار".