للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأهل المدينة على تَسَرِّي العبدِ، فمن أحتجَّ بهذه الآيةِ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٥ - ٦] وأيُّ ملك للعبد؟ فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اشْتَرَى عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَالمَالُ لِلسَّيِّدِ" (١)، جعل له مالًا هذا يُقَوِّي التَسَرِّيَ.

وابن عباس وأبنُ عمر أعلمُ بكتاب الله ممن احْتَجَّ بهذه الآية؛ لأنهم أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأُنْزلَ القرآنُ على رسَولِ الله، وهم يعلمون فيما أُنْزِل، قالوا: يَتَسَرَّى العبدُ.

إذا ثَبَت هذا؟ فقد قال في رواية إسحاق بن إبراهيم (٢): يَتَسَرَّى العبدُ في مالِه، هو مالُه ما لم يأخُذْه سيِّدُهُ منه.

(ق/٣٥٩ أ) وقال في رواية جعفر بن محمد وحرب: ليس للسَّيِّدِ أن يأخذ سُرِّيَّةَ العبدِ إذا أذِن له في التَّسَرِّي، فإن تَسَرَّى بغيرِ إذنه أخذَها منه، وإذا باع العَبْدَ وله سُرِّيَّة هي لسيِّدهِ ولا يُفَرَّقُ بينهما؛ لأنها بمنزلةِ المرأة.

فقد فرَّق أحمدُ بين أن يبيعَ العبدَ فتكون السُّرِّيَّةُ للسَّيِّد، ولا يفرَّقُ بينَها وبين العيد، وعلَّل بأنها بمنزلةِ الزوجةِ، وبينَ أن يبقى العبدُ على ملكِه، فليس له أخذ السُّرِّيَّةِ منه إذا أذِن له، كما لو أذِن له في التّزويج، ليس له أن يفرِّقَ بينه وبين امرأتِه وكلا النَّصَّينِ مسكلٌ (٣)، وله فقهٌ دقيق (٤).


(١) أخرجه البخاري رقم (٢٣٧٩)، ومسلم رقم (١٥٤٣) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
(٢) "المسائل": (٢/ ٢١٩)، وانظر "رواية الكوسج": (١/ ق ١٥٥)
(٣) (ق): "ولكن التسرِّي".
(٤) تقدم البحث في هذه المسألة مع فقهها: (٤/ ١٤٨١ - ١٤٨٣).