للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك فَعَل في أحاديثِ المستحاضَةِ ونظائرها.

ثم القائلون بالاستحسانِ، منهم من يقول. هو تركُ الحكم إلى حكمٍ أولى منه، ومنهم من يقولُ: هو أولى القياسَيْنِ.

وقال القاضي (١): "الحُجَّةُ التي يُرجَعُ إليها في الاستحسانِ هي الكتاب تارةً ع والسُّنَّةُ تارةً، والإجماع تارةً، والاستدلالُ بترجُّحِ بعضِ (٢) الأصول على بعض.

فالاستحسانُ لأجل الكتاب: كما في شهادة أهل الذِّمَّةِ على المسلمينَ في الوَصِيَّةِ في السَّفَر إذا لم نَجِدْ مسلمًا (٣).

ومما قلنا فيه بالاستحسانِ للسُّنَّةُ: فيمن غصَبَ أرضًا وزَرَعَها: الزرعُ لرَبِّ الأرضِ، وعلى صاحبِ الأرضِ النفقةُ؟ لحديث رافع بن خَدِيجٍ (٤)، والقياس أن: يكونَ الزَّرْعُ لزارِعِهِ.

ومما قلنا فيه بذلك للإجماعِ: جوازُ سَلَمِ الدَّراهمِ والدَّنانيرِ في الموزونات، والقياسُ أن لا يجوزَ ذلك؛ لوجود الصِّفَةِ المضمومة إلى


(١) في "العدة": (٥/ ١٦١٧ - ١٦٠٩).
(٢) في "القاعدة والعدة": "بترجّحِ شَبَهِ بعض ... ".
(٣) في قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦)} [المائدة/ ١٠٦].
(٤) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من زرع في أرضِ قوم فالزرع لربّ الأرض وله نفقته" أخرجه أحمد: (٢٥/ ١٣٨ رقم ١٥٨٢١)، وأبو داود رقم (٣٤٠٣)، والترمذي رقم (١٣٦٦)، وابن ماجه رقم (٢٤٦٦) وغيرهم. قال الترمذي: "حسن غريب"، وانظر "الإرواء": (٥/ ٣٥١).