للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم: من يُسَوِّي بين الهَدْى والأُضْحِيَة في المنع، ويقول: إذا بعثَ الحلالُ هَدْيًا صارَ مُحْرِمًا، ولا يحلُّ حتى يَنْحَرَ، كما روي عن ابن عباس (١) وغيره.

ومنهم: من يُسَوِّي بينهما في الإذْنِ، ويقول: بل المضحِّي لا يمنعُ عن شيء كما لا يُمْنَعُ باعثُ الهدي، فيقيسونَ على أحد النَّصَّينِ ما يعارضُ الآخَرَ.

وفقهاء الحديثِ كيحيى بن سعيد (٢) وأحمد بن حنبل وغيرهما عملوا بالنَّصَّينِ، ولم يقيسوا أحدَهما على الآخَرِ.

وكذلك عند أحمد وغيره من فقهاءِ الحديثِ، لما أمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يُصَلِّيَ الناسُ قعودًا إذا صلَّى إمامُهم قاعدًا (٣)، ثم لما افتتحوا الصلاة قيامًا أتَمَّها بهم قيامًا (٤)، فعمِلَ بالحديثينِ، ولم يَقِسْ على أحدِهما قياسًا ينقضُ الآخَرَ ويجعلُهُ منسوخًا كما فعلَ غيرُهُ.

قلت: وكذلك فَعَل في حديث الأمْرِ بالوضوءِ من لُحومِ الإبِلِ (٥)، وتركِ الوضوءِ مما مَسَّتِ النارُ (٦)، عمل بهما، ولم يقسْ على أحدِهما قياسًا يُبْطِلُ الآخَرِ ويجعلُه منسوخًا.


(١) انظر "السنن الكبرى": (٥/ ٢٣٤) للبيهقي.
(٢) في "القاعدة" زاد: "والشافعي".
(٣) أخرجه البخاري رقم (٦٨٩)، ومسلم رقم (٤١١) من حديث أنسٍ -رضي الله عنه-.
(٤) أخرجه البخاري رقم (٦٨٧)، ومسلم رقم (٤١٨) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
(٥) أخرجه مسلم رقم (٣٦٠) من حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنه-.
(٦) أخرجه البخاري رقم (٢٠٧)، ومسلم رقم (٣٥٤) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.