يجتمعانِ، فإن كان استفتاحهم به؛ لأنه نبيٌّ كان جَحْدُ نُبوَّتهِ محالًا، وإن كان جَحْدُ نبوتهِ -كما يزعمون- حقاً كان استفتاحُهم به باطلاً، فإن كان استفتاحُهم به حقًا فنبوَّته حق، وإن كان نبوته -كما يقولون- باطلاً (ق/٣٦٨ ب) فاستفتاحكم به باطلٌ، وهذا مما لا جوابَ لأعدائِهِ عنه ألبَتَّة، ويمكنُ تقريرها على صُوَرٍ عديدة:
منها: أن يقالَ: قد أقررتم بنبوَّتهِ قبل ظهورِه باستفتاحِكم به، فتعيَّنَ عليكم الإقرارُ بها بعد ظهورِه.
الثانية: إن يقالَ: كنتم تستفتحون به، وذلك إقرارٌ منكم بنبوَّته قبل ظهورِه، استنادًا إلى ما عندكم من العِلْم بظهوره، فلما شاهدْتُموه وصارَ المعلوم معايَناً بالرُّؤية، فالتصديقُ به حينئذ يكون أَوْلى، فكفرتم به عند كمالِ المعرفة، وآمنتم به حين كانت غَيْبًا لم تكمل، فآمنتم به على تقدير وجودِه، وكفرتم به عند تحققِ وجودِه، فأيُّ تناقُض وعنادٍ أبلغُ من هذا؟!.
الثالثة: أن يُقال: إيمانكم به لازمٌ لاستفتاحِكم به، ووجود الملزومِ بدونِ لازمِه محالٌ.
الرابعة: أن يُقالَ: استفتاحكم به (١) هل كان عن دليل أو لا عن دليل؟ فلا بدَّ أن يقولوا: كان عن دليل، وحينئذٍ فيجب طَرْدُ الدليل، والقولُ بموجبِه حيث وجِد، فأما أن يقال بموجبه في موضِع، ويُجْحدُ موجبه في موضعٍ أقوى منه، فمن أبطلِ الباطل!!.
الخامسة: أن يُقالَ: إن كان الاستفتاحُ به تصديقاً للنبيِّ الذي
(١) من قوله: "ووجود الملزوم ... " إلى هنا ساقط من (ق).