أخبر بظهوره، وقامت البراهينُ على صدقِه؛ فالإيمان به متعيِّن تصديقًا للنبيّ الأول أيضًا، وإن كان ترك الإيمان به قبل ظهورِهِ تكذيباً للنبيِّ الأول، فتركُ الإيمان به بعد ظهورِهِ أشدُّ تكذيباً، فأنتم في كفرِكم به مكذبون للنبيِّ الأوّلِ والثاني، وهذا من أحسنِ الوجوه.
السادسة: أن يُقال: إن كان الاستفتاحُ به حقًا لما ظهر على يد النبي المبشَّرِ به من المعجزات، فالإيمان به عند ظهورِه يكون أقوى؛ لانضمامِ المعجزاتِ التي ظهرت على يدِه، وهي تستلزم لصدقِه إلى المعجزات التي ظهرت على يد النبيِّ المُبَشِّر به، فقويت أدلَّة الصدق وتضافرَتْ براهينه.
السابعة: أن يقالَ: أحد الأمرين لازمٌ ولا بُدّْ؛ إما خطأكم في استفتاحِكم به، وإما في كفرِكم وتكذيبكم به، فإنهما لا يمكنُ اجتماعُهما، فأيُّهما كان خطأ كان الآخرُ صَوابًا، لكن استفتاحكم به مستندٌ إلى الإيمان بالنبيِّ الأوَّلِ، فهو مستند إلى حقِّ، فتعينَ أن يكون كفرُهم به هو الباطل، ولا يمكنُ أن يقالَ: إن التكذيبَ به هو الحقُّ والاستفتاحُ به كان باطلاً، لأنه يستلزمُ تكذيبَ من أقررتم بصدقه ولا بدَّ.
الثامنة: أن يقالَ: التصديقُ به قبلَ ظهوره من لوازمِ التصديقِ بالنبيِّ الأوَّل، والتكذيب به حينئذ كفر، فالتصديقُ به بعدَ ظهوره كذلك، (ق/٣٦٩ أ)، وإن كان التكذيبُ به قبلَ ظهوره مستلزمًا للكفر بالنبيِّ الأول، فهو بعدَ ظهورِه أشد استلزاماً، فلا يجتمعُ التكذيبُ به والإيمان بالنبيِّ الأوّل أبدًا لا قبل ظهورِه ولا بعدَه؛ أما قيلَ ظهوره فباعترافِكم، وأما بعدَ ظهورِه فلأَن دلالةَ صدقِهِ حينئذ أظهر وأقوى كما تقدَّم بيانهُ.