للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أكرمكُم الله بقبلة غير قبلة هؤلاء المختلفين, اختارها الله لكم ورضيها, وأكد تعالى هذا المعنى بقوله: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٤٥)} [البقرة: ١٤٥].

فهذا كله تثبيت وتحذير من موافقتهم في القبلة, وبراءة من قبلتهم ,كما هم براء من قبلتك, وكما بعضهم بريء من قبله بعض, فأنتم أيها المؤمنون أولى بالبراءة من قبلتهم (١) التي أكرمكم الله تعالى بالتحويل عنها, ثم أكد ذلك بقوله {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١٤٧)} [البقرة: ١٤٧].

ثم أخبر تعالى عن اختصاص كل أمة بقبلتهم, فقال: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: ١٤٨] , وأصح القولين أن المعنى: هو متوجه إليها, (ق / ٣٧٦ أ) أي: موليها وجهه, فالضمير راجعٌ إلى كل, وقيل: إلى الله, اي الله موليها إياه, وليس بشيء؛ لأن الله لم يولِّ القبلة الباطلة أبدا, ولا أمر النصارى باستقبال الشرق قط, بل هم تولوا هذه القبلة من تلقاء أنفسهم, وولوها وجوههم.

وقوله {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨] مشعر بصحة هذا القول, أي: إذا كان أهل الملل قد تولوا الجهات (٢) فاستبقوا أنتمُ الخيرات, وبادروا إلى ما اختاره الله لكم ورضيه, وولاكم إياه, ولا تتوقفوا فيه, {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا} [البقرة: ١٤٨]: يجمعكم من الجهات المختلفة, والأقطار المتباينة إلى موقف القيامة, كما تجتمعون من سائر الجهات


(١) من قوله: "كما هم براء ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(٢) من قوله: "فاستبقوا الخيرات ... " إلى هنا ساقط من (ظ)، وبعد هذه الكلمة فى (ق): "واستقبلوها".