للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التي صلَّى إليها المسلمون والنصارى لعجبا -كذا رأيته (١) والصواب: اليهود- قال خالد بن يزيد: أما والله إني لأقرأ الكتاب الذي أنزله الله علي محمد - صلى الله عليه وسلم -، (ق / ٣٨١ أ) وأقرأ التوراة فلم تجدْها اليهود في الكتاب الذي أنزله الله عليهم، ولكن تابوت السكينة كان على الصخرة، فلما غضب الله عز وجل على بني إسرائيل رفعه، فكانت صلاتهم إلى الصخرة عن مشاورة منهم.

وروى أبو داود أيضا: أن يهوديا خاصم أبا العالية في القبلة، فقال أبو العالية: إن موسى كان يصلي عند الصخرة، ويستقبل البيت الحرام، فكانت الكعبة قبلته، وكانت الصخرة بين يديه. وقال اليهودي: بيني وبينك مسجد صالح النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو العالية: فإني صليت في مسجد صالح وقبلته الكعبة (٢). وأخبر أبو العالية أنه رأى مسجد ذى القرنين، وقبلته الكعبة (٣). انتهى.

قلت: وقد تضمن هذا الفصل فائدة جليلة، وهي: أن استقبال أهل الكتاب لقبلتهم لم يكن من جهة الوحي والتوقيف من الله، بل كان عن مشورة منهم واجتهاد.

أما النصارى؛ فلا ريب أن الله لم يأمرهم في الإنجيل ولا في غيره باستقبال المشرق أبدا، وهم مقرُّون بذلك، ومقرُّون أن قبله المسيح كانت قبلة بني إسرائيل، وهي الصخرة، وإنما وضع لهم شيوخهم وأسلافهم هذه القبلة، وهم يعتذرون عنهم بأن المسيح


(١) وهذا كذلك في مطبوعة "الروض".
(٢) ما بعده من (ق وظ).
(٣) وانظر "تفسير الطبري": (٢/ ٣٤)، والقرطبي: (٢/ ١٠٢).