للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فوَّض إليهم التحليل والتحريم وشرع الأحكام، وأن ما حلَّلوه وحرَّموه فقد حلله هو وحرمه في السماء، فهم مع اليهود متفقون على أن الله لم يشرع استقبال المشرق (١) على لسان رسوله أبدا، والمسلمون شاهدون عليهم بذلك.

وأما قبلة اليهود؛ فليس في التوراة الأمر باستقبال الصخرة ألبتَّةَ، وإنما كانوا ينصبون التابوت ويصلون إليه من حيث خرجوا، فإذا قدموا نصبوه على الصخرة وصلوا إليه، فلما رفع صلوا إلى موضعه وهو الصخرة.

وأما السامرةُ (٢)؛ فإنهم يصلُّون إلى طور لهم بأرض الشام (٣) ويعظمونه ويحُجُّون إليه، ورأيته أنا وهو في بلد نابُلُسَ، وناظرتُ فضلاءهم في استقباله، وقلت: هو قبلة باطلة مبتدعة، فقال مشار إليه في دينهم: هذه هي القبلة الصحيحة، واليهود أخطأوها؛ لأن الله تعالى أمر في التوراة باستقباله عينا، ثم ذكر نصا يزعمه من التوراة في استقباله.

فقلت له: هذا خطأ قطعا على التوراة؛ لأنها إنما أنزلت على بني إسرائيل، فهم المخاطبون بها، وأنتم فرع عليهم فيها، وإنما تلقيتموها عنهم، وهذا النص ليس في التوراة التي بأيديهم، وأنا رأيتها، وليس هذا فيها.


(١) (ق وظ): "الشرق".
(٢) السامرة طائفة من اليهود، يفترقون عنهم في القِبلة، والتوراة، وإيمانهم بالأنبياء، واللسان. انظر: "الملل والنحل": (ص/ ٢١٨ - ٢١٩)، و "الفِصَل": (١/ ٩٩).
(٣) (ظ): "طورهم بالشام".