للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في القرآن، فكل ما كان شأنه أن يكون في العادة مشكوكًا فيه بين (١) الناس حَسُنَ تعليقُه بـ "إن" من قبل الله ومن قبل غيره، سواء كان معلومًا للمتكلم أو للسامع أم لا.

ولذلك يحسن في الواحد منا أن يقول: "إن كان زيد في الدار فأكرمه"، مع علمه بأنه في الدار؛ لأنَّ حصول زيد في الدار شأنه أن يكون في العادة مشكوكًا فيه، فهذا هو الضابط لما يعلق على "إن"، فاندفع الإشكال.

قلتُ: هذا السؤال لا يرد، فإن الذي قاله القوم: إن الواقع ولابد بد لا يعلّق بـ "إن"، وأما ما يجوز أن يقع ويجوز أن لا يقع؛ فهو الذي يعلق بها، وإن كان بعد وقوعه متعين الوقوع, وإذا عرفت هذا فتدبر قوله تعالى: {وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (٤٨)} [الشورى: ٤٨] كيف أتى في تعليق الرحمة المحققة إصابتها من الله تعالى بـ "إذا"، وأتى في إصابة السيئة بـ "إن"، فإن ما يعفو الله عنه أكثر، وأتى في الرحمة بالفعل الماضي الدال على تحقيق الوقوع، وفي حصول السيئة بالمستقبل الدال على أنه غير محقق ولابدّ، وكيف أتى في وصول الرحمة بفعل الإذاقة الدال على مباشرة الرَّحمة لهم، وأنها (٢) مذوقة لهم، والذوق هو أخصّ أنواع (٣) الملابسة وأشدها، وكيف أتى في وصول السيئة بمطلق الإصابة دون الذوق، وكيف أتى في (٤) الرحمة بحرف ابتداء


(١) (ظ): "من".
(٢) (ق): "وإنهم".
(٣) من (ظ).
(٤) من قوله: "وصول السيئة ... " إلى هنا ساقط من (ظ ود).