للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أمرين قد عُلِم انتفاء أحدهما حسًّا فلازمت لينه وليس ما (١) يريد نفيه من تعدد الآلهة، وقضية الملازمة انتفاء الملزوم لانتفاء لازمه، فإذا كان اللازم منتفيًا قطعًا وحسًّا انتفى ملزومه لانتفائه، لا من حيث الحرف، فهنا أمران:

أحدهما: الملازمة التي فهمت من الحرف.

والثاني: انتفاء اللازم المعلوم بالحس. فعلى هذا الوجه ينبغي أن يفهم انتفاء اللازم والملزوم بـ "لو"، فمن هنا قالوا: إن دخلت على مثْبَتَين صارا منتفيين، بمعنى أن الثاني منهما قد عُلِم انتفاؤه من خارج، فينتفي الأول لانتفائه، وإذا دخلت على منفيين أثبتهما كذلك أيضًا؛ لأنها تدخل على ملزوم محقَّق الثبوت من خارج، فيتحقق ثبوت لازمه كما في قوله: "لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا" فهذا الملزوم وهو صدور الذنب متحقق (٢) في الخارج من البشر، فتحقق لازِمُه وهو: بقاء النوع الإنساني وعدم الذهاب به؛ لأنَّ الملازمة وقعت بين عدم الذنب وعدم البقاء، لكن عدم الذنب منتف قطعًا فانتفى لازمه، وهو عدم الذهاب بنا فثبت الذنب وثبت البقاء. وكذلك بقية الأقسام الأربعة تُفْهَم على هذا الوجه.

وإذا عُرِف هذا؛ فاللازم الواحد قد يلزم ملزومات متعددة؛ كالحيوانية اللازمة للإنسان والفرس وغيرهما، فيقصد المتكلِّم إثبات الملازمة بين بعض تلك الملزومات واللازم على تقدير انتفاء البعض الآخر، فيكون مقصوده: أنَّ الملازمة حاصلة على تقدير انتفاء ذلك


(١) من (ق).
(٢) (ق): "يتحقق".